مشروع حلاّ دعايته أكبر منه (1)

حلا
يبدو أن مشروع "حلاّ" الذي بدأ منذ عام ونصف العام لم يستطع تحقيق النتائج المرجوة منه، وبقيت خطواته متعثرة، والسبب الأساسي عدم التنسيق بين الوزارات المعنية. 65 ألف أسرة تقدّمت بطلبات للاستفادة، درست اللجنة 45 ألف طلب ووافقت على 19 ألفا فقط!

مشروع مساعدة الأسر الأكثر فقراً “حلاّ”، يتندر عليه أحد الناشطين الاجتماعيين بالقول :”يبدو أن ما صرفته السلطة اللبنانية من مبالغ مالية على الاعلانات في وسائل الإعلام المختلفة تفوق ما قدمته فعلياً لإغاثة الأسر الأكثر فقراً”.

في 7 آب 2012، أُعلن في القصر الجمهوري عن بدء المرحلة الأولى لبرنامج مساعدة الأسر الأكثر فقراً تحت عنوان “حلّا”. تبع ذلك مؤتمر صحافي عقده وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور ووزير التربية حسن دياب، أعلنا خلاله إعفاء طلاب عائلات الأسر الأكثر فقراً من الرسوم المدرسية. وفي مطلع عام 2013، عقد أبو فاعور ووزير الصحة العامة علي حسن خليل مؤتمراً صحافياً أعلنا خلاله تنفيذ المرحلة الثانية، بحيث تستفيد العائلات الأكثر فقراً من العلاج المجاني الكامل.

ولكن ماذا على أرض الواقع؟

في أحد زواريب صيدا القديمة، تسكن إيمان أرقة دان مع طفليها في منزل شقيقها العازب، المؤلف من غرفتين رطبتين لا تدخلهما الشمس. تقول أرقة دان :”تقدمت بطلب للاستفادة من المشروع، وحضر أحد الموظفين وأجرى بحثاً شاملاً عن وضعنا. منذ الصيف الماضي وحتى هذه اللحظة لم أستفد بشيء مما يتحدثون عنه في التلفزيون”.

طفلا أرقة دان يبلغان الثامنة والسادسة من عمرهما: “يدرسان في مدرسة صيدا الوطنية في البلد القديمة، لأنه لا يوجد في المنطقة مدرسة رسمية للصبيان لكن المشروع يدفع الأقساط المتوجبة في المدارس الرسمية فحسب”.

أما نوال طلب فقد أتت متأخرة إلى منزلها، كانت تحاول تأمين مبلغ 140 ألف ل.ل. ثمن أدوية طلبتها إدارة مستشفى صيدا الحكومي لعلاج زوجها عبد الله كيلو الموجود في العناية الفائقة. تبادر بالقول بالصوت العالي :”لا أريد مساعدات من الدولة، أريد تأمين علاج زوجي، وتأمين فرص عمل لأبنائي العاطلين عن العمل”. وتضيف :”انه الآن نزيل المستشفى وعلينا تأمين الدواء لأن وزارة الصحة لا تدفع ثمن هذا النوع من الدواء، كما قالت لي ادارة المستشفى”.

ويسكن كميل قسيس مع والدته العاجز وزوجته وطفلته سارة في غرفة لا تتجاوز مساحتها 15 م2 اقتطع عند مدخلها مساحة صغيرة حولها إلى مطبخ وحمام. والدته مقعدة وبقرب السرير فرشة اسفنج صناعي تستخدمها سارة للنوم والدراسة وقضاء الوقت بعد عودتها من المدرسة.

قسيس كفيف، فقد نظره منذ فترة، أجرى عمليات جراحية عدّة من دون طائل: “تعمل زوجتي في تنظيف البيوت لتصرف علينا”. يصمت قسيس لحظات، ثم يضيف بصوت عال :”أعلن الوزير أنه لن يبقى فقير في لبنان، فهل يعني أنه سيميتنا كلنا؟ لأننا منذ فترة  نسمع خطابات ومؤتمرات صحفية في وسائل الإعلام ولكن لا نرى شيئاً فعلياً على أرض الواقع”.

هذه نماذج من نحو الف عائلة في منطقة صيدا تقدمت بطلب الاستفادة من البرنامج، حصلت 238 عائلة على بطاقة مستفيد لكنّ أحداً لم يستفد منها فعلياً حتى الآن.

 معلومات عن البرنامج

يقول مدير البرنامج جان مراد :” تقدمت أكثر من 65 ألف أسرة بطلبات للاستفادة من تقديمات البرنامج في 99 مركزاً منتشراً في الأراضي اللبناني، وقد استطعنا دراسة طلبات 45500 أسرة حتى الآن، تبين من خلالها أن 18801 أسرة تحت خط الفقر تضم 88400 شخصا”.

وعن تحديد المعايير التي اعتمدت لتحديد الأسر تحت خط الفقر يشرح مراد :”هناك آليتان معتمدتان لتحديد مستوى معيشة العائلات، الآلية الأولى، مستوى الدخل، الآلية الثانية : مستوى الإنفاق. في لبنان لا يوجد أي احصاء لمستوى الدخل وبالتالي لا توجد آلية للتدقيق بدخل فئات مختلفة مثل المزارعين، السواقين… وقد أجرينا مسحاً سكانياً عام 2004 ودرسنا عينة من 5000 عائلة لمراقبة مستوى الانفاق الأسري، مما أدى للتوصل إلى تحديد مؤشرات ووضعنا لكل مؤشر كود ومجموع الكودات تحدد موقع العائلة من خط الفقر”.

السابق
صور أسيرة الإشاعات رغم عراقة التعايش
التالي
غاتيلوف: لا أستبعد بحث هيئة الحكم الانتقالي بالجولة الثانية من جنيف 2