لماذا لا يوجد مُحللة سياسيّة في لبنان

نفتقد الى "المُحللة السياسية" على شاشات لبنان. لماذا؟ هل بقرار لأنّ الإعلام يريد للمرأة في لبنان ان تظل على صورتها المنتشرة في الاعلام العربي، والخليجي بالذات. فهل النساء قاصرات؟ أم أنّ الناشطات منهنّ منشغلات بالفطور الصباحي لهذه الجمعية أو العشاء السنوي لتلك الجمعية.

وحدها الصحافيّة والمُحللة السياسية اللبنانية راغدة درغام، التي تستضيفها القنوات والاذاعات التلفزيونية الأميركية، ونادرا اللبنانية، هي التي تلعب هذا الدور. لماذا؟ علما ان الصحف اللبنانية تعجّ بالمُحللات والمنظرّات السياسيّة.

يوميا نفتح التلفزيونات في فترات الصباح والمساء فلا نلمح أي مُحللة سياسيّة تنير نهاراتنا المليئة بأخبار الانفجارات والاعتداءات والمناوشات.

يطل المُحلل الشاب فيبدأ بالتنظير والتحليل علما اننا لم نكن لنسمع باسمه، بل جلّ الأمر انه ممثل لجهة سياسية معينة ومسؤول عن مركز إعلامي أو مركز دراسات مغمور لا تكاد مساحته تتعدى الغرفة الواحدة، شكلا ومضمونا.

من جهة يُعد هذا الامر إيجابيا. فهو يدلّ على أنّ المرأة لم تتحزب لجهة ما بقدر تحزّب الرجل، ولم تناصر جهة بالعنف الذي ناصر الرجل الاحزاب ودخل في الحروب وحمّل رقبته الكثير من الدماء والاستعار المذهبي والديني.

المرأة لم تخض الحرب بشكل واسع، لكنها انضمت الى الصحافة السياسية ولم يعد عملها الصحافي مقتصرا على حافة الازياء والموضة والفن والطبخ والعلاقات العامة…

ظهر عدد كبير من الزميلات المحللات على صفحات الجرائد ومنهن صاحبات أقلام رفيعة ونصوص قويّة في الشؤون كافة، بدءا من السياسية الى الاقتصادية الى الاستقصائية والاجتماعية والطبية. الا اننا كمشاهدين نستغرب غيابهن عن الشاشات بشكل شبه كليّ ان لم يكن كليّا تماما. والسبب لا يزال غير معلوم.

هل ان المحطات اللبنانية ومعدي البرامج السياسية، اللواتي من الممكن ان يكن سيدات، يغيّبهنّ عن قصد ام ان هذه المحطات لا تثق بمعلومات هذه المُحللات؟ ام ان هؤلاء المحللات لا يحبذن الظهور الاعلامي ويفضلّن الغياب وراء الورق؟

علما ان المحللة فيرا يمين، المسؤولة الاعلامية في تيار المردة، تؤدي دورها بشكل بارز الا انه لا محللة سياسية منافسة في اي تيار سياسي لبناني سواء من قوى 8 او 14 آذار . ونرى مي شدياق كممثلة لآراء 14 اذار في الجهة المقابلة. الا انه لا محللات مستقلات، مراقبات، كاتبات في الصحف اليومية كما هو الحال على الشاشات المصرية.

ربما لان عراقة بلد كمصر، اعلاميا، تسهل اطلالتهن، او ربما لان صورة المرأة عندنا متفق على نوع وشكل طلتها بشكل خفيّ، ولا يتعدى ان تكون كالفاكهة على السفرة.

من هنا فإنّه مستغرَب الغياب السياسي للمرأة التي تمارس دورها بشكل مميز في الصحافة المكتوبة او المسموعة. ولا تظهر علينا من على الشاشات (والحمد لله) الا المطربات، والراقصات، والممثلات، ومعدّات برامج التوك شو، والتنافس الغنائي والطربي.

نلتقي بمؤيدات اعلاميات لجهة ما على هذه المحطة او تلك لكننا لا نفاجأ ولا مرة بالكاتبة السياسية الفلانية ولا المحللة السياسية العلانية.. هل لانها تخجل، او لانها لا تملك القدرة على الكلام امام الكاميرا..

لماذا (يطحش) الرجل (الشاب والمسنّ) على الشاشات وهو لا زال برعما في السياسة او جاهلا او لقيطا سياسيا لجهة تبحث عن منابر او ميكروفون، فتكبّر فلان، وتُشهر فلان، وتُضخّم فلان؟ هل لان المرأة المُحللة ذات قدرة تحليلية اقل؟ هل انها لا تملك القدرة على الصراخ، في حين ان والشتم والاهانات موضة اعلامية رائجة ومطلوبة؟

ثمة صحافيّات بارزات في الصحافة اللبنانية اليومية، غائبات عن الشاشات. ومطلوب منهن الإطلالة وفتح الطريق امام المغمورات ايضا وليس فقط ارائدات.

صحيح ان الاحزاب غيبّت النساء وعلى رأسها الحزب الشيوعي في لبنان، ومن ثم حزب القوات، وحزب الله، وحركة امل، وحزب المستقبل، والقوميين بأجنحتهم المختلفة، والتيارالوطني الحر، والحزب التقدمي الاشتراكي. وأقصى ما وصلت إليه المرأة في الاحزاب هو رئاسة اللجنة النسائية. الا انها ايضا غيبت النائبات عن المشهد السياسي بشكل فاضح حيث لم نحلظ لا النائبة ستريدا جعجع، ولا النائبة بهية الحريري، ولا النائبة جيبلبيرت زوين، ولا النائبة نايلة تويني، ولا من سبق من النائبات، على الشاشات اللبنانية يفصحن عن رؤيتهن ومعلوماتهن وآرائهن في الوضع السياسي العام والداخلي: ماذا يفعلن في أوقات فراغهن، خصوصا أنّه في هذه الايام لا جلسات نيابية ولا جلسات وزارية لمتابعة قضايا الناس. ولنا أن نسأل: هل هنّ مُطلعات على ما يدور في البلاد؟ أم أنّهنّ مشغةلات بالفطور الصباحي لهذه الجمعية او لتلك؟

السابق
تحليق مكثف للطيران الاسرائيلي في سماء طرابلس
التالي
كارداشيان تنفق 5000 دولار يوميا على مؤخرتها