بطل الطريق الجديدة: وضعنا الناس على المسرح بدل السياسيين

زياد عيتاني
على مشارف 20 ألف متفرّج، وبعد تسعة أشهر من العرض المتواصل، يقول بطل مسرحية "بيروت.. الطريق الجديدة" زياد عيتاني أنّ "السرّ في نجاحها اشتياق الناس لترى نفسها على المسرح وليس السياسيين والمسؤولين، وملل الناس من التلميح الجنسي المستخدم الذي بات يفوق قدرة المجتمع على تحمله، لهذا يأتي الى المسرحية عدد من العائلات، وهذا ما تفقده الكثير من المسرحيات الحالية".

يعتبر زياد عيتاني، بطل مسرحية “بيروت.. الطريق الجديدة، في حديث خاصّ لـ”جنوبية”، أنّ “استمرارية المسرحية للشهر التاسع يعود الى اسلوبها القائم على فكرة: إكتشف الآخر”، مشيرا الى أنّ الجمهور “يتابع المَشاهد بترقب لانها تعبر عن الاحداث في شارعه والبيئة التي يعيش فيها”.

من جهته، تحدث الممثل طارق بشاشة لـ”جنوبية” عن الموسيقى التي استخدمها “بأدوات تحاكي طريق الجديدة كالارغيلة وطاولة الزهر”.

المسرحية التي تخطّت 15 ألف مشاهد وتسير نحو 20 ألفا خلال أسابيع، دخلت شهرها التاسع من العروض المتواصلة في مسرح المترو في الحمرا، لبطلها الصحافي الشاب زياد عيتاني. هذا الشاب المغامر الآتي من خارج النادي المسرحي التقليدي، عاش حياته صحافيا وناشطا مدنيا، إلى أن التقى بالكاتب المسرحي والشاعر يحيى جابر، لتتغيّر حياته ويذوق طعم المسرح، مع طعم الشهرة.

جدّ زياد لأمّه هو الممثل الكبير محمد شامل (مختار مسلسل “الدنيا هيك” الشهير). وقد خاض عيتاني تجربته الأولى بالتمثيل في هذه المسرحية، التي تقدّم ثلاثة عروض أسبوعيا.

تحدث عيتاني عن بدايته، مشيرا الى انه تعرف على المخرج المسرحي يحيى جابر خلال معرض الكتاب في بيروت العام 2012: “كنا نتحدث عن الاعمال الخاصة ببيروت، وكان عنده هاجس حول هوية العاصمة، وكنت سابقا كتبت أكثر من موضوع عن طريق الجديدة. ومن هنا أخذنا الحكي عن تلك المنطقة لانها الاكبر مساحة جغرافيا والاكثر كثافة في العاصمة”.

واضاف: “إستمر الحديث بيننا لاكثر من 4 ساعات ومن بعدها قمنا بزيارة منطقة طريق الجديدة وبدأنا نتحدث عن حكايا الناس وقصصهم، وبعد شهر تقريبا أعطاني يحيى النصّ، وقال لي: عندك دور، ومن بعدها بدأ بتدريبي على الادوار الواحد تلو الآخر”.

وعن المسرحية، يرى عيتاني أنّها “تنقل ببساطة الحياة الاجتماعية الداخلية للبيوت داخل طريق الجديدة، ومن هنا يأتي أساس الفكرة حين يكتشف الناس الكم الكبير من القواسم المشتركة بين المواطنين من مختلف المناطق، ويتم كل ذلك ضمن قالب مهضوم بعيد عن السخرية. المسرحية تنقل الانقسام المستحدث بين السنة والشيعة منذ العام 1958 حتى الآن”.

يعتبر عيتاني أنّ السرّ في نجاح المسرحية واستمرارها كل هذا الوقت، من وجهة نظره، كمشاهد، يعود الى “كون الناس مشتاقة الى ان ترى نفسها على المسرح وليس السياسيين والمسؤولين، إضافة الى انها مختلفة تجمع بين العفوية والجرأة في معالجة المشكلة السنية – الشيعية”. ويتابع: عيتاني: “ربما يكون السبب ملل الناس من التلميح الجنسي المستخدم الذي بات يفوق قدرة المجتمع على تحمله، لهذا يأتي الى المسرحية عدد من العائلات، وهذا ما تفقده الكثير من المسرحيات الحالية”.

تحدث عيتاني عن تفاعل الجمهور معه على المسرح، مؤكدا ان للجميع “الضحكة نفسها، ونفس التفاعل والحركات على المواضيع المطروحة”، مؤكدا ان هذا الامر يظهر “التعطش الموجود لدى اللبنانيين لكسر الحواجز بين المناطق”. وشددّ على ان المسرحية لا تقوم بأي “مواعظ ولكنها تنقل الواقع وكأنها تقول لهم: أنظروا الى انفسكم واضحكوا”.

يرى عيتاني أنّ “رسالة المسرحية والهدف يصل الى الجمهور بعد انتهاء العرض، إذ يهدأ المشاهد ويبدأ بالتفكير، فإبن طريق الجديدة يسأل نفسه: لوين رايح؟ وابن الضاحية يفكر بالموضوع نفسه أيضاً”.

“اكتشف الآخر” هو الاساس الذي تقوم عليه رسالة المسرحية، يوضح عيتاني ذلك قائلا: “للاسف هناك الكثير من المفاهيم الغلط المنتشرة بين اللبنانيين، فطريق الجديدة لا تعني تيار المستقبل، وزغرتا ليست سليمان فرنجية، والضاحية لا تعني انها كلها حزب الله، والبيروتية لا تعني السنة، فهناك مسيحيون ودروز من بيروت أيضا”. مؤكدا ان هذه الصورة هي بفعل الاختلافات السياسية، التي تعزز الحواجز بين الناس وتساعد على إطلاق الاحكام المسبقة.

لم تلق المسرحية انتقادات لاذعة: “انتظرت وتحضّرت لانتقادات أو اعتراضات من قبل الجمهور لا سيما أبناء طريق الجديدة إلا ان ذلك لم يحصل حتى الساعة”.

أما عن الاعمال الجديدة فيعد عيتاني الجمهور بمسرحية عن “بيروت… الاشرفية”،  العمل الجديد قيد التحضير: “روحية الصورة التي تم نقلها عبر مسرحية طريق الجديدة ستبقى، ولكن الاكيد ان المعالجة ستكون مختلفة”، مؤكدا انّ “لدى يحيى افكارا كثيرة قام بتجميعها من خلال أبحاث، والمسرحيات التالية ستكون بجودة الحالية”.

الجلسة انضمّ إليها الممثل والموسيقي طارق بشاشة، الذي يلعب أدوارا مساندة لزياد في المسرحية ويقدّم شكلا جديدا من الموسيقى عبر أدوات لا تخطر على بال: “سيكولوجية اللبناني القائمة على الانقسام منذ الصغر، ومشهد كرة القدم الموجود في المسرحية يظهر ما قاله زياد بشكل واضح”.

وتحدث عن فكرة الموسيقى المستخدمة في المسرحية، مشددا على انّ الفكرة جاءت ” من أنّ الطريق الجديدة منطقة شعبية، ومعظم القصص والحكاوي تجري في القهاوي، على أصوات الارغيلة وطاولة الزهر، ومنقل الفحم، جميعها أدوات اختارها جابر وقمنا باستخدامها”.

وأضاف بشاشة أنّ “المسرحية عبارة عن تصوير للواقع، ليس هناك مسخرة على أحد بل قمنا بنقل الامور كما هي، لذلك تلقى استحسان المشاهدين”. وتحدث بشاشة عن ردة فعل الجمهور مؤكدا انّ “الناس تتأثر، فتارة تضحك وتارة أخرى تبكي، لانها ترى أمام عيونها المسار التاريخي القديم لتلك المنطقة من العاصمة”.

هي مسرحية يجب على كلّ لبناني أن يشاهدها، لأنّها واحدة من الأعمال القليلة التي تبتعد عن السياسة بمعناها الإنقسامي، وتقترب منها بالمعنى الثقافي والترفيهي، وتهرب من “السهل الممتنع” الجنسي الغالب على المسرح الاستهلاكي، لتقدّم مسرحا جدّيا يحتاجه لبنان واللبنانيون.

السابق
الحياة: تحسس عون من بري بدا واضحاً للعيان
التالي
مساعدات تشيكية للنازحين في مرجعيون