صمت فرنجيّة عند التغيير إحفظ موقعك

بعد انطلاق قطار التسوية الحكوميّة، ودخول الجميع لعبة وضع الشروط وتسجيل المواقف الرافضة أو المُبارِكة، يلتزم رئيس تيار «المرَدة» النائب سليمان فرنجية الصمت غير المبرّر!
إعتاد جمهور “المرَدة” واللبنانيّون عموماً سماع مواقف صريحة وواضحة لفرنجية تكون عادةً عكس “هوى” الناس، على رغم بعض المواقف الشعبوية، لأنّه صاحب مقولة “الزعيم يقود شعبه، لا الشعب يقود الزعيم”.
وقد قال في إطلالته الأخيرة منذ نحو شهر إنّه ورئيس تكتّل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون مرشّحا “8 آذار” للرئاسة، بعدما كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله قد نفى وجود مرشّح لهذا الفريق حاليّاً. وفي تلك الفترة تساءل المراقبون ما إذا كان فرنجية يحشر حلفاءَه ليحسموا مرشّحهم الرئاسي.

يختلف موضوع تأليف الحكومة عن استحقاق رئاسة الجمهورية، لأنّه محطّة جسّ نبض و”بروفا” لطريقة تعامل فريقي “8 و14 آذار” مع الإستحقاقات المقبلة. ففي حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الأخيرة حصَّل فرنجية مكتسبات ثمينة من حصّة عون الوزاريّة، تمثَّلت بإسناد حقيبة وزارة الدفاع الوطني إلى فايز غصن، ونال النائب سليم كرم وزارة دولة.

أمّا اليوم فلم يصل النقاش إلى مسألة توزيع الحقائب، بحسب ما تؤكّد أوساط “المردة”، لكنّ حصّة فرنجية ستكون بالتأكيد من حصّة تكتّل “التغيير والإصلاح” إذا دخل الحكومة، على رغم التنافر بين الفريقين في المرحلة السابقة.

عند الاستفسار من مسؤولي “المرَدة” عمّا إذا كان عون يُنسّق مع فرنجية في مسألة التأليف، يردّون بسؤال: “هل يُنسّق صنّاع الطبخة الحكومية مع عون أوّلاً ليُنسِّق هو معنا؟”. لا يخفي تيار “المرَدة” امتعاضه من طريقة التعاطي مع الأحزاب والقيادات المسيحية، ويؤكّد أنّ “ما حصل يُعتبر قضماً للدور المسيحي وعدم اعتراف بوجودنا”، موضحاً أنّه “يفصل بين الخطّ الإستراتيجي الداعم للمقاومة في مواجهة إسرائيل، وبين حقوق المسيحيّين ودورهم في صناعة القرار السياسي”.

بالنسبة إلى حقوق المسيحيين، ترى بنشعي “أنّه كان يجب على القيادات الإسلاميّة إحترام المكوّنات المسيحية وأخذ رأيها في مسألة أساسية كهذه، لأنّ إقصاء أيّ طائفة أو عزلها سينتج أزمات مضاعفة. فالحرب الأهلية عام 1975 كانت نتيجة شعور الطوائف الإسلاميّة بالغبن”.

كلّ هذه المخالفات، تدفع فرنجية إلى الصَّمت، دليلاً على عدم رضاه عن طريقة التعاطي معه في هذه المرحلة، سواءٌ من حليفه العوني أو من “حزب الله”. فالتفاوض الأساسي قائم بين تيار “المستقبل” والحزب التقدّمي الإشتراكي و”حزب الله” وحركة “أمل”، فيما يستقي فرنجية أجواء التأليف من اتّصالات يجريها، وهو في الأساس غير راضٍ عن الرئيس المكلّف تمّام سلام، لأنّه يعتبره من صلب فريق “14 آذار”.

ويشير فرنجية إلى أنّ تخلّي “8 آذار” عن الثلث المعطّل “هو خطأ استراتيجي، لأنَّ هذه الحكومة ستشبه حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2005، وقد تستمرّ في إدارة شؤون البلد إذا ما وصلنا إلى فراغ في سدّة رئاسة الجمهورية”. إلى ذلك، يرفض فرنجية التخلّي عن ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”، لأنّ مجرَّد رفضها يُعتبر “هدية مجانية إلى فريق “14 آذار” وحلفائه الإقليميّين، في وقت لا يميل ميزان القوى لمصلحتهم”.

وعليه، ينتظر فرنجية قرار عون، دخول الحكومة أو عدمه، ويعلم أنّ نوعية الحقائب لن تكون شبيهة بحقائب الحكومة السابقة. فعون لم يعجبه أيّ عرض، لكن هذه ليست المشكلة، بل إنّ فرنجية يتريَّث على ما يبدو ويرفض الإجابة عمّا إذا كان سيدخل الحكومة إذا قرَّر عون البقاء خارجها، لأنّ كلّ الاحتمالات مفتوحة، وبالتالي هو يفضّل عدم الكلام عن الموضوع، خصوصاً أنّ انتخابات رئاسة الجمهورية اقترَبت ولا يريد إزعاج أيّ فريق، بل يراقب من بعيد وعن كثب اتّجاهات الأمور، على رغم معرفته أنّ الصفقات الدولية هي التي تصنع التسويات الداخلية، وهو في هذا المجال قارئ جيّد للسياسة الخارجية، ولا يرفع شعارات كبيرة، بل يمارس الواقعية السياسية حفاظاً على موقعه.

السابق
ما دام حزب الله لا يلتزم ما يوافق عليه لماذا الخلاف إذا
التالي
لا مخرج لـحزب الله