حزب الله والأخطاء القاتلة

جمهور حزب الله
على حزب الله ان يفهم ان معركته الجديدة التي قرر ان يخوضها تفرض عليه أساليب وأدوات جديدة حتى ان وصل به الامر الى الإعلان الرسمي عن اقفال كل مراكزه الرسمية بالضاحية والمتواجدة بين السكان العاديين. هذا ان كان حريصا حقا على جمهوره ومصالحه. وعليه ان يفهم أيضا أن الكثير من الأساليب القديمة قد تعتبر اﻵن أخطاء قاتلة.

لا يمكن بأي شكل من الاشكال اعتبار من يفجر نفسه بالابرياء من صنف البشر. واقل ما يجب ان يوصف به انه وحش. ولا علاقة لفعلته الدنيئة لا بالدين ولا بالانسانية، وهو حتما خارج دائرة العقل والمنطق. ولا يجوز توصيف فعله بأقل من الاجرام هو ومن يدعمه ومن يقف خلفه ومن يمكن ان يبرر له، فلا يبرر فعل الاجرام الا مجرم. (انتهت هذه المقدمة البديهية).
اما بعد..
كل ما تقدم لا يمنع البتة تسجيل بعض الملاحظات على أداء حزب الله، خصوصا بعد اخفاقه بمنع وصول التفجيرات الى قلب ضاحية بيروت الجنوبية ووقوع ضحايا أبرياء،وما وصل اليه الحال من رعب يخيم علينا وعلى أهلنا هناك.
تحول كبير طرأ على بوصلة بندقية حزب الله، التي ما عادت تطلق النار جنوبا، وهذا ليس اتهاما بقدر ما هو توصيف بغض النظر عن كل التسميات، وهذا ما اعلنه الحزب نفسه ويعلنه كل يوم. وانا هنا لست بوارد نقاش صحة هذا الخيار او عدم صحته ولا خطورته على لبنان او ضرورته. خصوصا وقد صار واقعا ان حزب الله هو طرف في تلك المعركة الدائرة على الأراضي السورية، في معركة جديدة، وعلى ارض جديدة، ويقاتل ” عدوا” جديدا. وهنا بالذات يكمن خطأ حزب الله بحيث انه لم يراع كل تلك المستجدات، فانتقل الى تلك المعركة حاملا معه شعاراته القديمة نفسها وادبياته القديمة وحتى اعلامه القديم!
فإذا ما كان العدو الإسرائيلي، طيلة فترة الصراع معه ورغم وحشيته، يميز بين ما هو مدني وما هو عسكري فهذا لا ينطبق على العدو الجديد، حيث فالاولوية عند الإسرائيلي كانت ضرب ما هو عسكري ومحاولة تجنب ما هو مدني. حينها لم نشعر ان ذاك العدو الغاشم كان يمكن ان يستهدف مسجدا فيه أناس يدعمون المقاومة مثلا، ولا محلات في سوق تجاري لان أصحابه من مؤيدين المقاومة، وهذه الحالة من تجنّب المدنيين كانت قد ترسخت اكثر بعد اتفاق نيسان 96. فكان مفهوما حينها ان يرفع حزب الله صور امينه العام على انقاض مركز مستهدف ليقول اننا مستمرون بالنضال. وكان مفهوما يومها ان يُخرج الحزب الجماهير لتقول اننا نقف وندعم خيارات المقاومة. خصوصا ان مثل هذا التحرك لن يُذهب عنهم صفة كونهم من المدنيين وبالتالي فلن يتحولوا بعده الى اهداف ممكنة. وهذا الامر يسري أيضا على استعمال الحزب في مقاومته تلك الشعارات الدينية وحتى المذهبية لما كانت تشكل حينها من دافع إضافي يستفيد منها مقاتل الحزب بدون أي تبعات سلبية.
إذا كان كل هذا قد نجح وادى وظيفة إيجابية، بالتالي لا يعني هذ ابدا ان استنساخها سيؤدي اﻵن الى النتائج تفسها. فرفع صورة الأمين العام مثلا على انقاض محلات تجارية بعد كل تفجير انتحاري يشكل الآن اعلانا مجانيا يُقدّم للانتحاري بأنه قد اصاب من الحزب مقتلا وبالتالي يعتبر بمثابة دعوة جديدة لانتحاري جديد الى الهدف نفسه! وكذلك إصرار اعلام الحزب على اظهار صورة الضاحية بقدها وقديدها ونسائها واطفالها على انهم من مناصري وداعمي الحزب يمثل أيضا تكتيكا احمقا يقول للانتحاري الوحش: أينما تضرب تصيب! فلا معنى بعد ذلك ان يخرج علينا مسؤول حزبي عقب كل انفجار “ليطمئننا” بأن ليس المستهدف اي قيادي او عنصر بالحزب. وهكذا فعلى حزب الله ان يفهم ان معركته الجديدة التي قرر ان يخوضها تفرض عليه أساليب وأدوات جديدة حتى ان وصل به الامر الى الإعلان الرسمي عن اقفال كل مراكزه الرسمية بالضاحية والمتواجدة بين السكان العاديين. هذا ان كان حريصا حقا على جمهوره ومصالحه. وعليه ان يفهم أيضا أن الكثير من الأساليب القديمة قد تعتبر اﻵن أخطاء قاتلة.

السابق
جعجع: لا يمكن ترك البلاد من دون حكومة شرط ان تكون منسجمة وفعلية
التالي
الحريري: الدعوات المشبوهة التي تطلب زج لبنان في حروب مرفوضة