هاجس الموت في لبنان: خطّطوا لحياة قصيرة

لبنان موت
يعيش اللّبنانيون اليوم هاجس الموت. معظمهم يفكّر بالانفجار الآتي. هل ستنتهي حيواتهم هكذا بسبب انتحاريّ حقير ومريض نفسياً ومغسول الدماغ؟ اللّبنانيون، خصوصاً في الضاحية الجنوبية، يختبرون توتّراً جعلهم ينقضّون على القوى الأمنية ويهاجمونها بسبب عدم قدرتها على حمايتهم.

القوى الأمنية بدورها مرتبكة وربما كان من هنا توقيف مغنّي الراب حسين شرف الدين والاشتباه بأنّه انتحاريّ بسبب لحيته الطويلة ولباسه. الدور الموكل للجيش وقوى أمن الداخلي أكبر من قدراتهم، من استعدادهم ومن استيعابهم. في الواقع، توقيف الانتحاري مهمّة صعبة حتّى في أكثر البلدان تقدّماً. لا حلّ في هذا الأفق لهذا الجنون.

ربما يبدي البعض استعداداً في العلن لدفع حياتهم كثمن لحسابات سياسية ولكنّ حتى هذا الاستعداد لا ينفي الشعور بالخوف. لن تكون يوماً أمنية الإنسان السوي أن تنتهي حياته على هذا النحو. “زمطت من الانفجار التالت، رح ازمط من الرابع؟” سؤال طرحته الشابة الشهيدة ماريا الجوهري مستبقة موتها.

هاجس ماريا نفسه في سائر المناطق اللّبنانية. لا أحد يضمن غده. هذا الهاجس وإن حاولت السياسة التعتيم عليه، تعبّر عنه الشوارع وحياة الناس العادية. سائق التاكسي يتذمر من قلّة الركّاب خصوصاً الذين كانوا يذهبون إلى الضاحية. أشخاص كثر صاروا تجنبون التنقل خلال ساعات معيّنة من النهار. البعض يغيّر طريقه كأنّه يحتال على أماكن التفجير.

الأحاديث الشعبية بين المواطنين هي خير دليل على حالة الذعر الجماعي هذه. في حديث مع جارتي البارحة، كنّا نتكلّم عن الهجرة وحين قلت إنّني قد أفعلها حين تصبح ابنتي في الجامعة أيّ بعد عشر سنوات تقريباً. نظرت إليّ وقالت “عشر سنين اذا عشنا عشر سنين، قديه رح نضل نزمط من انفجارات؟”.

في هذه الأوضاع، يصعب الأمل ويصعب التفكير بمشاريع قد يكون محكوماً عليها بألّا تكتمل ولكن هل الحل في أن نقصّر أعمارنا تفكيراً بالموت؟ هل ننظر إلى أصدقائنا وأفراد عائلاتنا وأولادنا ونقول لهم “خطّطوا لحياة أقصر”؟

الخوف مشروع ومبرّر طبعاً ولكن التحدّي الآن أن يبقى اللّبناني مشدود الأعصاب، أن يغلب هذا الشعور بالخوف لأنّه حين تقع الواقعة لن يستطيع أحد ردعها أو أن يحول دون حدوثها. حتّى ذلك الحين، لا يمكننا سوى أن نتحلّى بالشجاعة أو السخرية وأن نستشهد بالقول الشعبي المصري “الّي يخاف من العفريت يطلعلوا!” عسانا هكذا نطرد عفاريت الانتحاريين.

السابق
المرأة الهاربة من زوجها ما عادت فارّة بل مفقودة!
التالي
Fe-Male تطلق حملتها الجديدة: مش بالتسليع… منتجك ببيع