إيران ستُصعِّد وملف الحكومة قد يتأجَّل مجدداً

تبدأ في جنيف اليوم جولات التفاوض الفعلية بين وفدَي النظام السوري والمعارضة، بعدما انتهت أمس الأول الجلسة الإفتتاحية في مدينة «مونترو» السويسرية.
تشير الإستنتاجات الأولية، بلا أدنى شك، الى أنّ ملفّ الأزمة السورية بات ملفاً مدوّلاً بكل ما للكلمة من معنى، سياسياً وأمنياً وإنسانياً، وأن إرادة السوريين ورغباتهم باتت من الآن وصاعداً، رهن التوافقات والصفقات التي تنشأ بين الأطراف المُمسكة بهذا الملف، سواء كانت من هذه الضفة او تلك. فأجواء واشنطن التي أفردت وسائل إعلامها تغطية خاصة لمؤتمر “جنيف ـ 2″، ولقاءات وحوارات طويلة، لا تخفي سقف التوقعات المنخفض حيال ما يمكن أن تتمخّض عنه الجولات الأولى من المفاوضات.

لكنّ هناك من يُسجّل لوزير الخارجية الأميركي جون كيري نقاطاً تُضاف الى سجلّه التفاوضي، فبفضله أمكن إحداث الخرق الأوّل في جدار الأزمة السورية التي تحوّلت بعد نحو ثلاث سنوات من اندلاعها، واحدة من أخطر الأزمات وأكثرها دموية في النزاع السياسي الحديث.

ويؤكد مصدر أميركي مطلّع يواكب الملف السوري عن كثب، “أنّ النتيجة الأولى لما حصل، خلطت مجدّداً أوراق المفاوضات بين الأطراف الدولية والإقليمية، في ما يشبه بداية مرحلة جديدة، قد تكون أصعب وأشدّ. فنوعية اللغة التي استُخدمت خلال الجلسة الإفتتاحية، تظهر بما لا يدع مجالاً للشك أنّ جهداً كبيراً لا يزال مطلوباً قبل الوصول الى خاتمة سلمية للأزمة”.

ويشير المصدر الى “أنّ سعي النظام السوري وحلفائه الى تثبيت ما شاءه على طاولة الحوار، أمكن تطويقه، على رغم تشكيلة وفده التي حاولت الإيحاء بأنها الصورة العصرية التي تقف في وجه سفّاحي العصور الوسطى، وأظهر أنّ شعار “مكافحة الإرهاب” لا يمكن أن يُهدى الى مَن كان هو السبب في ما آلت اليه الأوضاع في سوريا حتى اليوم”.

ويعتقد المصدر أنّ “ايران التي أُقصيت عن حضور جلسات المؤتمر تتّجه الى تصعيد غير مسبوق قد يترجم في جبهات عدّة داخل سوريا. فإقتراحات ممثّلي النظام حول سبل بناء إجراءات الثقة، عبر الدعوة الى وقف إطلاق النار في مدينة حلب مثلاً، لا تعدو أكثر من عرض لإستسلام المعارضة”.

ويتوّقع المصدر الأميركي أن “يضاعف النظام، بدعم حلفائه الخارجيين، هجماته لاسترداد مزيد من المناطق التي خسرها، وأعمال التخريب التي يمارسها على المعارضة في المناطق التي تسيطر عليها، في ظلّ معلومات تتحدّث عن شراكته مع تنظيمات إرهابية عدّة”.

ويقول المصدر “إنّ الإعلان عن إعادة تعويم “الجيش السوري الحر” ومحاولات تغيير بنيته السياسية، معطوفة على الأنباء التي تحدثت عن تلقيه دعماً عسكرياً مكثفاً في الأسابيع الأخيرة، سمحت له بخوض الحرب على “داعش” وأخواتها، وباسترجاع مناطق كانت سقطت في يد مقاتلي “حزب الله”، خصوصاً في مناطق حمص وصولاً الى القُصير. فكل هذه التطورات فرضت على إيران إعادة قراءة موقفها وتقويم مواقعها في المواجهات الميدانية، من سوريا الى لبنان فالعراق”.

ولا يستبعِد المصدر نفسه أن “يحاول النظام دفع الضغوط التي يتعرّض لها والتي ستزداد بمجرد حضوره اعمال المؤتمر وتحوّله طرفاً بين المتساوين في النزاع الحاصل. فالانتخابات الرئاسية السورية ستُجرى بعد ستة اشهر وقد تُشكّل له قضية حياة أو موت، بعدما بات مستقبل الرئيس السوري بشّار الأسد ملفاً بديهياً مطروحاً على طاولة البحث”.

وعلى الصعيد اللبناني، يرجّح المصدر الأميركي أن “تشهد الأجواء الإنفراجية التي خيّمت الأسبوع الماضي على صعيد تأليف حكومة جديدة، انتكاسة قد تعيد البحث الى المربع الاول”.

فالتصعيد السياسي والإعلامي بين الطرفين الإقليميّين الرئيسين: إيران والسعودية، سواء قبيل بدء جلسات مؤتمر “جنيف ـ 2” أو بعده، يُنبئ بعودة التشنّج بينهما، بعد فشل طهران في الجلوس الى طاولة المتحدثين، على رغم سعيها حتى اللحظة الأخيرة، بتنسيق مع روسيا، للمشاركة فيه بصفتها الطرف الحقيقي الذي يدير النزاع في سوريا. لكنّ إصرار الطرف الآخر على استبعادها واعتباره أنّ كفة التقرير ليست في يد طهران وموسكو، لا يعني أنّ ايران أعدمت أيّ وسيلة للتعطيل.

وعليه، يخشى المصدر الأميركي “تصاعد حرب التفجيرات مجدداً، لتشمل دولاً أخرى مجاورة لسوريا، وليس فقط لبنان والعراق، في معزل عن الجهة التي تقف وراءها أو الأجندة التي تحملها”.

السابق
خطة سورية لاستمرار الاسد
التالي
الجمهورية: لقاء الرئيس سليمان ورعد لم يزيل العقبات أمام تشكيل الحكومة