علي عمّار: منبرٌ من جثث

وأنا إن كنت اظن فلا اظن أنّ جفون الحاج علي عمّار الثائر دوما قد تلامسا طيلة ذلك الليل، وأنّ دمه كان " يغلي غلي" في شراينه منذ تلفظ سعد الحريري بكفرياته تلك. ولأنّ "حسب نواياكم ترزقون"، فقد هيأ الله سبحانه وتعالى لهذا المجاهد الطاهر، والمطهر لانياع الانام، فرصة لا يحتاج معها للذهاب الى الشاشات، بل هي من جاءت اليه تسعى.

لم ينتظر النائب الحج علي عمار انتهاء عمل فرق الدفاع المدني بعد تفجير حارة حريك الثاني. فقد وصل معهم الى مكان الانفجار، لكنّه ادار ظهره لكل هذا الغبار والدخان والموت، فلكل واحد عمله واختصاصه.

ولو أنّ الجثث لا تزال على الأرض والاشلاء متناثرة حول المكان، فلا ضير ان يمّم سعادة النائب المتحمس وجهه ناحية الكاميرة، او نستطيع القول ناحية الكاميرات، فاللحظة بالنسبة له ليست للحزن ولا هي لحظة مأساة، ولا الوقت وقت تضامن او احاسيس ومشاعر وما الى ذلك، فلا مجال الآن لتضيع ثانية واحدة على مجروح مصاب او لاطفاء حريق، لأنّ هنالك من هو جالس في مكان ما من العاصمة الفرنسية، قد تجرأ في الليلة السابقة واعلن جهارا، بلا خجل ولا وجل، وصدح بهرطقات مسّ من خلالها الذات المقدسة للثلاثية الملكوتية “جيش، شعب، مقاومة”.

وأنا ان كنت اظن فلا اظن انّ جفون الحاج الثائر دوما قد تلامسا طيلة ذلك الليل، وان دمه كان ” يغلي غلي” في شراينه منذ تلفظ سعد الحريري بكفرياته تلك. وكأنّي بعدها بتلفون الحاج يرن، ويأتيه الصوت: الم يكفِ سحب الدعوة التي كانت موجهة لإيران من اجل أداء فريضة الحضور الى جنيف، وما تمثله هذه الخطوة من إهانة كبيرة لجمهورية “الإسلام المحمدي الأصيل” حتى “زكّاها” هذا الزنديق الفار الى فرنسا بكفرياته؟؟ عليك به يا حاج.

فيهبط هذا التكليف “الشرعي” على قلب اسد البرلمان اللبناني بردا وسلاما، ولم يبقَ امامه سوى انتظار الصباح ليقوم بما تيسر من واجب هو احوج ما يكون له. فالغيظ ان كظم يكاد يقتل صاحبه ولا بد من اطلاقه. ولأنّ “حسب نواياكم ترزقون”، فقد هيأ الله سبحانه وتعالى لهذا المجاهد الطاهر، والمطهر لانياع الانام، فرصة لا يحتاج معها للذهاب الى الشاشات، بل هي من جاءت اليه تسعى، وهيأ سبحانه لعبده الصالح هذا منبرا جعل افئدة الناس تهوى اليه، فأخذ الحاج يسعى بين الميكرو والميكرو، ليؤذّن في الناس وليخبر الدنيا كلها من السعودية وصولا الى سعد الحريري، انّ ثلاثية ” الجيش والشعب والمقاومة” هي تاج على رؤوسكم، ولن يستطيع احد في هذا الكون ان ينال منها او حتى مجرد التفكير بالمساس بها!

ولم يطفئ لهيب النائب مجرد الردّ عبر وسيلة إعلامية واحدة، فلعل من يجب ان تصلهم كانوا غافلين عنها، فراح يتنقل من تلفزيون الى آخر علّه يطمئن نفسا الى أنّها قد وصلت وانّه قد أدّى الأمانة. فهذا فقط هو المطلوب في هذه اللحظة ولا فرق عنده نوعية المنبر الذي يعتليه حتى وان كان منبرا من جثث… رحم الله الشهداء، وشفى الجرحى .

السابق
زجاجة ويسكي بيعت بحوالي 600 ألف دولار
التالي
علي بشير وماريا الجوهري.. كانا ينتظران موتهما بالضاحية