علي بشير وماريا الجوهري.. كانا ينتظران موتهما بالضاحية

"شهداء متنقلون".. هذا ما أصبحنا عليه في لبنان. لا يوجد كلام يعبر عما يحصل كل يوم، فالعرقنة التي لطالما تم التحذير منها باتت واقعا ملموسا ومعاشا، العرقنة بمفهومها التفجيري الانتحاري، باتت متنقلة في كل شارع وكل زاوية، وكل مكان، دون ان تفرق بين شاب وكبير أو عجوز. والاجهزة الامنية عاجزة عن كشف نمرة سيارة مسجلة معمم مسبقا أنها مسروقة.

سيارة “كيا” و15 كيلوغراما من مادة الـ”تي ان تي” وقذائف هاون كانت سلاح الانتحاري لهذا الانفجار، الذي راح ضحيته 4 شهداء، من بينهم شاب وشابة لحقوا بمحمد الشعار الذي قضى في انفجار ستاركو في وسط بيروت، وملاك زهوي وعلي خضرا الذين استشهدا في انفجار الشارع العريض، المكان نفسه لانفجار اليوم.
كما العادة وقع الانفجار على غفلة، وانهالت الاستنكارات والتنديدات التي يطلقها المسؤولين بعد دقائق من وقوع الانفجار، غير مدركين ان كل الكلام ما عاد ينفع ولم يعد له اي تأثير على المواطنين. بيانات محضرة مسبقا واستنكارات لا تفي بالغرض، ولا يجد الشعب منفذا للتعبير عن رفضهم لما يحدث وما يقال إلاّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إستغلت الشهيدة ماريا حسين الجوهري (18 عاما) صفحات “الفيسبوك” لتنشر “بوست” بعد الانفجارات المتتالية في الضاحية الجنوبية قائلة: “هيدا ثالث انفجار بزمط منه… مابعرف إذا الرابع بروح فيها..”، كتبت ما شعرت به من حزن وأسى عما يحدث. ربما شعرت انها ستكون الضحية التالية للانتحاري الاعمى القلب والروح، أو ربما الصدفة هي التي دفعتها لكتابة تلك الجملة لتكون ذكرى عما يصيب الشباب في لبنان.

كذلك فعل الطالب الجامعي علي ابراهيم بشير (20 عاما) من بيت ليف الجنوبية، تاركا على صفحته عدد من الصور الساخرة للخطابات والتحليلات السياسية والامنية التي يتم عرضها من قبل المسرولين بعد أي انفجار. هذا الشاب الذي تمنى ان يصبح شهيدا مؤكدا على مبايعة “حزب الله” والمضي قدما في نهجها من خلال “بوست” جاء فيه: “عندما بايعنا نصر الله لم نبايعه فقط لانه منتصر لا محالة، إنما بايعناه على الشهادة أيضا”.

أما الاب احمد العبيدي (52 عاما) من طريق الجديدة، مرّ في ذاك الشارع لاتمام عمله، قتل على يد من يحارب ارهاب “حزب ايران”، ويدافع عن السنة في لبنان وكل مكان. الارهابي ظن ان ذاك الشارع حكر على انباء الضاحية وعلى الشيعة بشكل خاص، ولم يلقنوا نظره الى ان ذاك المكان يعيش فيه العشرات من أهالي السنة، الذين يقيمون الى جانب جيرانهم الشيعة منذ عشرات السنين.

ويبقى الشهيد خضر سرور الذي فضلت عائلته عدم نشر أي معلومات عنه لوسائل الاعلام واكتفت بالصمت، الحزن على شاب رحل أثناء مروره في الوقت غير المناسب بأزمة قلبية، إثر مرور ذاك الانتحاري الذي لا يميّز بين البشر وباعتقاده انه بقتل الناس يصل الى جنان الخلد.

مرت السيارة المسروقة والمسجلة والمعممة أمام الاجهزة الامنية المنتشرة في الضاحية، دون ان يتم الالتفات اليها، ربما لان القوى الامنية في الشوارع لا تمتلك الوقت لمتابعة مثل هكذا الامر، لان متابعة الاحاديث عبر “الواتس اب” أهم، أو ربما الارهابي ذكي ومحترف لدرج لا يمكن تخيلها فيمر بالقرب من الجيش والامن العام وانضباط “حزب الله” مموها فلا يرى ولا يسمع.

السابق
علي عمّار: منبرٌ من جثث
التالي
هل يخفي برشلونة القيمة الحقيقية للاعبه نيمار؟