’الحرب على الارهاب’ حبل نجاة الممانعين

علي الامين
من هنا وبعدما انحصر حزب الله ومشروعه بالكامل في الطائفة الشيعية، كاحدى نتائج القتال في سورية، يدرك ان هذه الطائفة لا تحتمل ان تكون خارج مشروع الدولة صاحبة السيادة الكاملة، وهي ليس امامها الا مشروع الدولة، اي العودة الى خيار الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين.

يمكن بتجرد وحيادية ملاحظة توسع دائرة تبني “الحرب على الارهاب” التي اطلقتها الادارة الاميركية في مواجهة تنظيم القاعدة بالدرجة الاولى. ولطالما جرى هجاء هذه الحرب من قبل الممانعين، الى حدّ الاعتداد بوصف “الارهابي”. في حين صارت هذه الحرب اليوم في صلب خطاب ما يسمى محورالممانعة وسلوكه، وإن تباين في مكوناته بين من يتبنى المصطلح بالكامل كما هي حال رموز النظام السوري اليوم ومسؤولين في حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية بدرجة كبيرة، وبين حزب الله الذي تبنى مصطلح “الحرب على الارهاب” ويضيف اليه “التكفيري” في معظم الاحيان، “المتوحش”، كما ورد في خطاب القيادي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق امس.
ان يكون تنظيم القاعدة وتوابعه العدو الاساس، فهذا يؤكد عملية الانتقال من خط الممانعة الى جبهة الحرب على الارهاب. ففي ابجدية “الممانعة”، “القاعدة” لا يمكن الا ان تكون العدو الاول للادارة الاميركية والعكس صحيح ايضاً. والمشاركة في هذه “الحرب” جزء من المشروعية السياسية التي يطمح نظام الاسد الى اكتسابها على المستوى الدولي، والى الاعتراف به كجهة يستفاد منها في الحرب على الارهاب. كما هي حال حزب الله الذي بات منخرطاً فيها في كل الامكنة، ما يوفر له مثل هذه المشروعية الدولية التي صار بأمس الحاجة اليها مع تنامي مخاطر الارهاب وتمدده.
وما يدفع في هذا الاتجاه اليوم هو حسم انعقاد مؤتمر جنيف -2 بمظلة اميركية اولاً وروسية ثانياً، وبمشاركة اوروبية وعربية، وسط تساؤلات حول مشاركة ايران في المؤتمر. فالادارة الاميركية، التي نجحت مع روسيا في توفير مرجعية دولية للحل، تعرض على الجمهورية الاسلامية الايرانية الموافقة على مقررات جنيف -1 للمشاركة في جنيف -2 او البقاء خلف الروس او خلف نظام الاسد. وفي حال بقيت ايران خارج المؤتمر، فذلك سيفقدها الدور في صياغة العملية السياسية في سورية، ويحول دون استثمارها الزخم العسكري الذي بذلته ولاتزل دفاعا عن النظام السوري.
لذا ربما لم يجد حزب الله خيارا، مع تثبيت المظلة الدولية على سورية، سوى العودة الى الداخل اللبناني ولو سياسياً في البداية، ومن دون الوقوع في وهم القوة الاقليمية، ولا السقوط تحت اغراء التضخم الايديولوجي والمعنوي الذي يجعل صاحبه يرى الامور بنرجسية غير واقعية.
لقد كان مدركاً او ادرك ان اي حزب مهما كان قوياً لا يمكن ان يكون قوة اقليمية، ما دام شرط الدولة الحقيقية ليس متوفرا فيه. هو يمكن ان يكون ذراعا لدولة ليس اكثر. ولعل من مؤشرات العودة الى الداخل اللبناني هذه، هو المسار الحكومي الذي سلكه، والتنازل الذي قدمه عبر تبنيه لصيغة الثلاث ثمانات. اما ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة” فسيكون من الصعب ان يتنازل عنها لاسباب معنوية، لكنه مستعد للقبول بعبارة تقبل التأويل. فيما تبدو قوى 14 آذار مستعدة للتساهل في العبارة البديلة، اذا ما تمّ ادراج “اعلان بعبدا” في البيان الوزاري.
من هنا وبعدما انحصر حزب الله ومشروعه بالكامل في الطائفة الشيعية، كاحدى نتائج القتال في سورية، يدرك ان هذه الطائفة لا تحتمل ان تكون خارج مشروع الدولة صاحبة السيادة الكاملة، وهي ليس امامها الا مشروع الدولة، اي العودة الى خيار الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين. ففي مراجعة هادئة ورصينة لكل الرهانات التي تلت التحرير عام 2000 يظهر بشكل صريح انها فشلت، ويكفي ان الصورة التي كانت عليها هذه الطائفة في ذلك العام، لبنانيا وعربيا واسلاميا، تبدلت اليوم بشكل دراماتيكي وباتت تحتاج الى الكثير الكثير كي تستعيد بعض ما فقدته وتحتاجه اليوم.
حسناً فعل حزب الله بالالتفاف نحو الداخل عبر تسهيل تشكيل الحكومة، وهو معني بأن يوفر كل الشروط لسد ثغرة دخوله الى سورية، بنزع الذرائع من خصومه واعدائه، عبرسد ّهذه الثغرة الدستورية والقانونية والسياسية والمذهبية. هذا ما يتطلب التحصن بالدولة وشروطها، وفي ذلك توفير لخسائره وخسائر جمهوره وخسائرالطائفة التي يحتمي بها. توفير لخسائر وليس وقفها بالكامل…

السابق
حصيلة اشتباكات طرابلس: ثلاثة قتلى وأكثر من 23 جريحاً
التالي
استنفارا متبادل على الحدود