امرأة تجبي رسوم المياه في الجنوب

لينا بيطار
بيطار تحمل ماجستير علم نفس مرضي وإجازتين في الفلسفة وعلم الاجتماع، وخبرة في تعليم اللغة العربية لمدة 12 عاماً، وهي فترة غيابها عن لبنان: "عندما عدت إلى الوطن ظننت أني أحمل كنزاً وأني سأجد عملاً بسرعة، لكن لم أجد عملاً يتناسب مع مؤهلاتي وعندما علمت بهذه الوظيفة، أسرعت وقدمت طلباً لأعمل في مهنة "سجّلها" الوعي الشعبي على اسم الرجال".

ترتبط في وعينا المهنة بمن يقوم بها، بحسب الدور الاجتماعي الموروث. فإذا تحدثنا عن مهنة النجارة يقفز إلى فكرنا صور رجل مع منشاره، أما مهنة التمريض فيبدو في وعينا ارتباطها الوثيق بالنساء.

ومن هذه المهن، الجباية المالية المرتبطة مباشرة بالرجل. فمنذ القرن السادس العشر وجباية الأموال للسلطنة العثمانية ولاحقاً لسلطات الانتداب ولدولة الاستقلال كان يقوم بها رجال، أما غير المألوف فهو أن تعمل امرأة هذا المضمار.

وفي النبطية تعمل لينا بيطار جابي لحساب مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، وهي الامرأة الأولى التي تعمل في هذه المهنة بالجنوب: “علمت منذ فترة أن هناك امرأة اسمها سناء عملت كجابي في منطقة عاليه في سبعينات القرن الماضي، لكن هنا في الجنوب أنا أول من مارس هذه المهنة”، تقول في حديث خاصّ لـ”جنوبية”.

وتعمل بيطار على جباية أموال المياه في أربع مناطق بالنبطية: كفرجوز، تول، الكفور وجبشيت.

توضح بيطار الأمر: “منذ تسلمي مهامي بالعمل، يرفض زملائي أن أذهب للجباية بمفردي، فيرافقني أحد عمال الصيانة.. لا أعرف ما هو السبب الحقيقي، ربما يخافون أن أصادف مشكلة ما في عملي”.

وتسلمت بيطار عملها منذ بداية عام 2013، وعندما لا تتابع عملها ميدانياً فإنها تبقى في المركز تتلقى شكاوى المواطنين وتسعى إلى حلها.

وحول علاقتها بزملائها، تفيد بيطار: “عند بداية عملي في المؤسسة لم يتقبل زملائي الرجال وجودي كامرأة بينهم، وسمعت ملاحظات عديدة منها إني أتعدى على مهنة يمارسها الرجال فحسب، ونصحني البعض أن لا أمارس عملي في الميدان بل أبقى في المكتب أقوم بالأعمال المكتبية”.

وعن المواقف الطريفة التي واجهتها خلال عملها، تقول بيطار: “كنت في تول، دقيت على أحد الأبواب، سألت السيدة من الداخل عن الطارق، فعرّفت عن نفسي وعن الهدف من زيارتي، سمعت ضحكاً من داخل المنزل، لأنهم اعتقدوا أن أحدا كان يمزح معهم، وعندما فتحت إحدى السيدات الباب، فوجئت بي وعلقت قائلة: لم أسمع في حياتي أن فتاة تعمل جابية أموال، إنّها مهنة رجال”.

لكنّ بيطار تواجه من جهة أخرى مواقف مزعجة من بعض الأشخاص الذين يحاولون طرح أسئلة شخصية عنها وعن سبب ممارستها هذه المهنة.

وإذا كانت هذه المهنة تلبي طموحاتها، تجيب بيطار: “الإنسان يستطيع العطاء في أي مكان يشغله، وتغيير ما يمكن تغييره في أسلوب العمل. هذا العام كانت نسبة الجباية 40 %، وهي نسبة قليلة، لكن عندما تقارنها بما سبق تكون نتيجته جيدة جداً، خصوصاً انّ معظم منازل هذه المناطق لم تدفع رسوم مياه منذ أكثر من عشر سنوات، ونسعى إلى استيفاء المتأخرات بالتقسيط”.

وتقترح بيطار أن يتم الإعلان عن تسديد الرسوم في وسائل إعلامية مختلفة و”ألا يذهب الجابي إلى المنازل، خصوصاً أنه يمكن أن يذهب أكثر من مرة ولا يجد أحداً، وعلى المواطنين أن يدفعوا الرسوم المياه مرة واحد سنوياً”.

وتلفت النظر إلى أنها تتلقى شكاوى كثيرة من المواطنين وتجري الاتصالات اللازمة مع فرق الصيانة لتأمين وصول المياه إلى المشتركين.

وبيطار تحمل ماجستير علم نفس مرضي وإجازتين في الفلسفة وعلم الاجتماع، وخبرة في تعليم اللغة العربية لمدة 12 عاماً، وهي فترة غيابها عن لبنان: “عندما عدت إلى الوطن ظننت أني أحمل كنزاً وأني سأجد عملاً بسرعة، لكن لم أجد عملاً يتناسب مع مؤهلاتي وعندما علمت بهذه الوظيفة، أسرعت وقدمت طلباً لأعمل في مهنة “سجّلها” الوعي الشعبي على اسم الرجال”.

السابق
والدة انتحاري الهرمل: كان ينوي زيارة الجنة
التالي
الحمض النووي لغندور لم يتطابق مع الاشلاء في مكان الانفجار