تسوية سياسية آتية ستُخرِج الأسد!

أفضَت حركة الاتصالات السياسية الكثيفة التي شهدتها دول المنطقة أو تلك القريبة والمعنية بما يجري فيها، الى ضرورة توقّع بروز آلية سياسية تُخرِج الوضع الإقليمي من رتابة المشهد الذي غرق فيه منذ نحو ثلاث سنوات.

ومن المقرّر أن يُطلق مؤتمر “جنيف 2 “، وفق ما بات مرسوماً له، مرحلة جديدة انطلاقاً من توازنات القوى كما رَست عليها عشيّة انعقاده، ما لم تحصل “مفاجأة” ما تُعيد الوضع الى المربّع الأول.

وتقول مصادر أميركية مطّلعة “إن ما جرى حتى الساعة كشف في وضوح هويّة الجهة التي لا مصلحة لها في انعقاده، بعدما مارست شتّى أنواع الضغوط لإرغام الطرف الآخر في النزاع على إعلان انسحابه منه”.

ولعلّ الكلام الواثق الذي صدر عن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أمس الأول، يُعيد رسم الثوابت التي سينعقد المؤتمر على أساسها، بعد تهميش كل المحاولات التي راهنت على تغيير هدفه، من البحث السياسي في مستقبل النظام والسلطة السياسية في سوريا الى شعار “الحرب على الإرهاب”.

وتؤكد تلك المصادر أنّ المعارضة السورية الرئيسية، الممثلة في “الإئتلاف الوطني”، ستوافق اليوم على المشاركة في “جنيف 2″، الأمر الذي سينزع عملياً ورقة لطالما راهنَ عليها النظام السوري عبر نسف المؤتمر.

وتعتبر المصادر أن جولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على دول المنطقة لم تكن أكثر من محاولة للملمة ما يُمكن، وشدّ أزر من يحتاج الى مساندة، من جرّاء انهيار الوعود التي أُطلقت والأجندات التي رسمها النظام السوري او أوساط إيرانية تحدّثت عن حسم للأمور قبيل عقد “جنيف 2”.

وما كلام ظريف عن استعداد بلاده لإقامة أي نوع من الإتصالات، وعلى أي مستوى مع المملكة العربية السعودية، سوى تعبير عن المأزق الذي وصلت اليه سياسة بلاده تجاه دول المنطقة.

فلا الحسم العسكري أتى، ولا استغلال حروب المعارضة السورية بدّل في وثيقة الدعوة الى المؤتمر، والتي أعاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التذكير بها خلال مؤتمر “المانحين” في الكويت، والذي خصّص لدعم منكوبي الحرب السورية.

بدورها، تقول أوساط ديبلوماسية عربية في واشنطن “إن محاولات “تذرير” المعارضة السورية فشلت هي الأخرى، مع التأكيد أن الدعوة الرسمية قد وجّهت الى “الإئتلاف الوطني” ليقود هو وفد المعارضة، خلافاً للمحاولات التي سَعت الى تشكيل “وفود” من المعارضة.

ولعلّ النتيجة الرئيسية ستظهر عندما يجلس وفد النظام مع وفد المعارضة، ليبحثا معاً في أسباب الأزمة وسُبل الخروج منها. وفي ذلك تغيير دراماتيكي كبير نسبة الى ما كان مرسوماً أو مبيّتاً، وإظهاراً للواقع السياسي والميداني الذي رَسا على الأرض”.

هناك مَن يتحدث عن صفقة حقيقية بين واشنطن وموسكو تتعلّق بمستقبل الأوضاع في سوريا، حتى ولو لم يتحقّق شيء كثير خلال جلسات “جنيف 2”. ويبدو أنّ الخاسر الأكبر سيكون الرئيس السوري بشار الأسد، ولَو من دون الإعلان عن ضرورة تَنحّيه، سواء قبل المؤتمر أو خلاله أو حتى بعده مباشرة.

فشرعيّته بهذا المعنى في طريقها الى الانتزاع الكلّي، مع تقدّم المفاوضات والمؤتمرات المقبلة التي ستترافق مع الملفات الأخرى، سواء المتفرّعة من “جنيف 2 ” أو من “جنيف النووي الإيراني” .

وتؤكّد المصادر الأميركية نفسها أن الإعلان عن أجندة تسديد الدفعة الأولى من الأموال المجمّدة لإيران ما كان ليحصل لو لم يتمّ التأكّد من أنّ التحالف الدولي الذي قادته واشنطن ضدّ طهران، عندما فرضت عقوباتها الإقتصادية الصارمة عليها، سيبقى محافظاً على مَتانته وتماسكه.

وتشدّد تلك المصادر على أنّ واشنطن في طريقها الى تجديد شراكتها السياسية مع العراق، وبناء على طلب العراقيين أنفسهم، بعدما ظهر جَلياً أن النظام السياسي الذي قادته إيران بعد الانسحاب الأميركي من العراق، عَجزَ، ليس فقط عن حكمه، بل أظهرَ ايضاً عَجز المنظومة الإقليمية التي أقحمته ايران فيها، وحاولت توسيعها تحت مُسَمّيات مختلفة.

السابق
حرب: المحكمة ستتوصّل الى نتيجة
التالي
عيد البرية عيد المولد النبوي