أسبوع الوحدة الإسلاميّة بذكرى مولد النبي: ضدّ السنّة؟

الوحدة الاسلامية
نفهم موقف حزب الله المربك من هذه المناسبة السنويّة إذ لم يعد الأميركي هو العدو، وحلّ محلّه التكفير والإرهاب السلفي السني، كما لم تعد المجابهة مسرحها جنوب لبنان. فعن أيّ وحدة إسلاميّة يمكن أن يتحدّث "سيّد المقاومة" السيّد حسن نصر الله عندما يعتلي المنبر متحدّثا في ذكرى "ولادة الرسول وأسبوع الوحدة الإسلاميّة ؟"

في الخامس والعشرين من كانون الثاني 2013 أقام حزب الله كعادته في كل عام احتفالاً مركزياً بمناسبة “ذكرى ولادة الرسول محمد (ص) واسبوع الوحدة الاسلامية” في قاعة سيد الشهداء. وقد تكلم فيه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.

اليوم، وحتى الآن، تخلو وسائل إعلام حزب الله من أيّ دعوة لحضور احتفال مماثل. والجدير ذكره انّ مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني هو الذي كان قد دعا الى إقامة اسبوع الوحدة الاسلامية في هذه المناسبة الجليلة تشديدا على أواصر اللحمة بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم.

ومن أجل محاولة فهم هذا الموقف الإستثنائي لحزب الله من هذه المناسبة، يجب الإضاءه على ما أعلنته إيران احتفاء بهذه الذكرى. فقد أعلن الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية «آية الله الشيخ محسن الآراكي» عن مشاركة 380 مفكر إسلامي من 58 دولة في مؤتمر “الوحدة الإسلامية” الدولي السابع والعشرين بالعاصمة الايرانية طهران.

والمفارقه أنّ آية الله الآراكي أكد انّ “مؤتمر الوحدة لهذا العام يحظى بأهمية بالغة نظراً للوضع الراهن في العالم الإسلامي والعربي والتحديات التي يعيشها المسلمون جراء مخططات الاعداء والتيارات التكفيرية التي تغرس الفتن والجريمة في صلب البلدان الإسلامية والعربية”.

وبهذا فإنّ “اسبوع الوحدة الإسلاميه” في إيران هذا العام يتحوّل من احتفال سنوي يتجدد فيه العهد والولاء لخط الإمام الخميني المعادي لأميركا واسرائيل، الى احتفال موجّه ضد التيارات الجهاديّة السلفيّة السنيّة في العالم العربي والإسلامي بوصفها هي اليوم الخطر المحدق في المسلمين. خصوصا أنّ التقارب الأميركي الإيراني الذي بدأ قبل شهرين إثر توقيع الإتفاق النووي بين طهران والدول الكبرى أثمر عن بداية فكّ العزلة الدوليّة التي كانت تعاني منها إيران نتيجة سياستها المعادية للغرب طيلة عقود ثلاثة. وبالتالي غيّب الموضوع الأساسي لهذه المناسبه وهو الدعوة الى الوحدة لمجابهة مخططات “الشيطان الأكبر وحليفه الصهيوني”.

واللافت انّ عبارة “الوحدة الإسلامية” لم ترد في لبنان الاّ أمس وعلى لسان وزير خارجيّة إيران محمد جواد ظريف الذي يزور بيروت حاليا، وهو استهل هذه الزيارة أمس الاثنين بالتوجّه الى جبانة روضة الشهيدين حيث ضريح الشهيد عماد مغنية ومراقد شهداء التفجير الإرهابي الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت خلال تشرين الثاني الماضي.

ومن هناك شدّد ظريف على  “ضرورة الوحدة بين المسلمين لمواجهة التطرف والتكفير والارهاب ومكافحة العنف”، واضاف: “كلنا ضحايا التطرف، والاسلام الحنيف بريء من هذا الفكر التكفيري”، مؤكدا انّ “التطرف لا يفرق بين لبناني وايراني وسوري وسعودي”.

وقال انّ “ذكرى ولادة الرسول محمد بن عبد الله (ص) ينبغي ان تحمل في طياتها المعاني الجميلة للمقاومة”، وأشار الى انّ “الدين الاسلامي هو الدين الذي يدفع نحو التصدي للظلم والعدوان والاستكبار وفي المقابل هو دين حنيف يتبرأ من كل معاني الارهاب والتكفير”.

من هنا  نفهم موقف حزب الله المربك من هذه المناسبة السنويّة التي كان يحييها كل عام باحتفال مركزي واحتفالات موزعه في المناطق اللبنانية كافة، إذ لم يعد الأميركي هو العدو، وحلّ محلّه التكفير والإرهاب السلفي السني، كما لم تعد المجابهة مسرحها جنوب لبنان، بل أصبحت المعركة ضد الجيش السوري الحرّ وجبهة النصرة والحركات الإسلاميّة السلفيّة السنيّة في سوريا،.ويسقط لحزب الله في كل يوم شهيد تقريبا. فعن أيّ وحدة إسلاميّة يمكن أن يتحدّث “سيّد المقاومة” عندما يعتلي المنبر متحدّثا بذكرى”ولادة الرسول وأسبوع الوحدة الإسلاميّة؟”.

تغفل الأدبيات الإسلاميّة عن عمد، الشيعية منها والسنّية، وهي التي مالأت وما زالت تمالىء الحاكم والخليفة المستبد، أن نبي الإسلام محمد (ص) ثار قبل أي شيء ضد استبداد شريعة الأصنام، وثورته كانت سلميّة في مسقط رأسه مكّة، وعندما قمع وأنصاره واضطهد هاجر الى يثرب المدينة المنوّرة وحوّلها الى ثورة عسكريّة انتصرت في النهاية وعاد إلى مكّة غازيا وفتحها بعد أن وحّد الجزيرة العربيّة فبدأ “الناس يدخلون في دين الله أفواجا”.

تمرّ ذكرى ولادة الرسول هذا العام والمسلمون في أسوا حال من تشرذم واقتتال فيما بينهم وقد تحوّل السنّة والشيعة الى معسكرين متناحرين في سوريا ولبنان والعراق.

وفيما تقود ايران والسعوديّة هذا التناحر بجدارة قلّ نظيرها غير عابئين بآلاف القتلى والجرحى الذين يسقطون شهريا في هذه البلاد، فإنّ اسبوع الوحدة الإسلامية مع ذكرى ولادة الرسول يتوارى خلف ستار من دم وحقد وتعصّب وإرهاب لن يزيله في الأمد المنظور لا أسابيع ولا حتى أشهر من احتفالات بوحدة لم تكن موجودة يوما وهي اليوم أبعد ما تكون عن الوجود.

السابق
لعنة العشيقات تطارد رؤساء الإليزيه
التالي
قماطي: البلد اليوم يمرّ بظروف حساسة ويحتاج إلى حكومة