المشاركة مع «حزب الله»… خطيئة بحق «14»

نقل عن مسؤول كبير قوله: لبنان ليس موضوعاً على أجندة المجتمع الدولي الذي أولويته ترتيب أوضاع هذا البلد بالتي هي أحسن “وكيف ما كان” بانتظار حلّ الأزمتين النووية والسورية. المملكة العربية السعودية تحصر تركيزها واهتمامها بالملفّين السوري والمصري.
إمكانات المواجهة الذاتية غير متوافرة. آلة القتل قد تحصد ما تبقّى من قوى 14 آذر. مطلب خروج “حزب الله” من سوريا غير واقعي، لأنّ دخوله كما خروجه، مسألة أكبر من الحزب نفسه.
العنوان الذي رفعته 14 آذار “تحرير لبنان من السلاح” بعد استشهاد محمد شطح لن تتراجع عنه، لأنّ الوضع في لبنان لا يمكن أن يستقيم في ظلّ هذا السلاح، إنّما المطلوب ربط نزاع معه. المطلوب شراء الوقت بانتظار تبلور المشهد الإقليمي.
لا بأس من اتفاق مرحلي يوقف آلة القتل ويعيد إحياء اتفاق الدوحة. لا يجب الاستهانة بالتنازلات التي أقدمَ عليها الفريق الآخر التي كان اعتبرَها بمثابة قدس أقداس، من الثلث المعطّل إلى ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”. على رغم أنّ التسوية الحكومية قطعت شوطاً كبيراً إلّا أنّ الشياطين تكمن في التفاصيل التي يمكن أن تعيد الأمور بلحظة إلى نقطة الصفر.

ولكن ما يجدر التوقف عنده يكمن في الآتي:
أوّلاً، يفترض بمكوّنات 14 آذار الساعية للتأليف أن تسأل نفسها عن الأسباب التي تجعل “حزب الله” يريد حكومة بأيّ ثمن وفي هذا التوقيت بالذات.
ثانياً، يفترض بهذه المكوّنات أن تقارن بين التنازلات التي أقدم عليها كلّ فريق، إذ في حين أنّ تنازل الحزب لا يقدّم ولا يؤخّر في مجرى الصراع معه، حيث يحتفظ بسلاحه وقتاله في سوريا، فإنّ تنازل بعض مكوّنات 14 آذار يمنح الغطاء السنّي الذي يستميت إليه الحزب على طبق من ذهب، وذلك في قضيتي المحكمة الدولية وانخراطه في الأزمة السورية، خصوصاً عشية انطلاق أعمال هذه المحكمة ومؤتمر “جنيف 2”.
ثالثاً، أولوية “حزب الله” في هذه المرحلة إعطاء إشارتين للمجتمع الدولي: الانقسام في لبنان من طبيعة سلطوية لا مبدئية، والدليل مشاركة الطرف الذي كان يكيل إليه الاتّهامات فور توفّر شروط هذه المشاركة في السلطة. والإشارة الثانية الظهور بمظهر الباحث عن حلول وتسويات والتقاطع مع أجندة المجتمع الدولي بالنسبة إلى لبنان، في خطوة تكاملية مع ما تقوم به طهران بغية تقديم نفسها كقوّة استقرار في مواجهة قوى التطرّف.
رابعاً، الخطأ الأساسي الذي ارتُكب كان في مجرّد القبول بمبدأ التفاوض تحت سقف انسحاب “حزب الله” من سوريا الذي أظهر أنّ هذه القوى لا تلتزم بوعودها، ومستعدّة للتنازل عن قضايا جوهرية مقابل تنازلات شكلية للطرف الآخر.
خامساً، إعطاء “حزب الله” المظلّة السنّية في لحظة هو بأمسّ الحاجة فيها إليها، فيما كان يجب أن يكون ثمن هذا الغطاء الانسحاب من سوريا بالحدّ الأدنى.
سادساً، كان باستطاعة هذه القوى أن تدعو إلى تأليف حكومة وسطيّين + 8 آذار، وأن تكتفي بترئيس سلام عليها الذي يشكّل دخوله إلى السراي الضمانة للتوازن الذي اختلّ مع إخراج الرئيس سعد الحريري، ولكن من غير الجائز إطلاقاً المساكنة في حكومة واحدة بعد توجيه المحكمة الدولية أصابع الاتّهام لعناصر من “حزب الله”، ورفضه تسليم سلاحه، واستجلابه الحرب السورية إلى لبنان.
سابعاً، كيف تستقيم الدعوة لـ”المقاومة المدنية السلمية” من أجل تحرير لبنان من السلاح، مع المشاركة حول طاولة واحدة في الحكومة؟
ثامناً، تشكّل الحكومة الجامعة دعوة مزدوجة: دعوة إلى تغليب خط التطرّف سنّياً على خطّ الاعتدال، ودعوة للتكفيريّين لاستهداف كلّ لبنان وتعميم الإرهاب.
وعليه، فالدخول في الحكومة مع “حزب الله” يشكّل خطيئة بحق 14 آذار ومشروعها، وضرباً لصدقيتها وتصدّعاً لصفوفها عشيّة الاستحقاق الرئاسي وفي مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان والمنطقة تتطلّب مزيداً من الوحدة لا التفكّك.
والأخطر أنّ هذه المشاركة، في حال حصولها، تنعكس سلباً على كلّ دينامية المواجهة مع “حزب الله” التي بدلاً من أن تستمرّ تصاعدياً بعد اغتيال شطح ستشهد انكفاءً وتراجعاً وتخبّطاً وإحباطا…

السابق
بعبدا لـ«حزب الله»: مصلحتك أن تتفيأ بالدولة
التالي
أميركا والسعودية والعراق وإيران وسوريا: ضد داعش