لقاء «السيد» ـ «الجنرال»: كثير من التساؤلات والهواجس

طبعاً لن يكون مستغرباً حصول لقاء جديد بين السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون، بعد أقل من ستة أشهر على حصول الجلسة الأخيرة بينهما. فالمرحلة أكثر من استثنائية في تحدياتها الأمنية والسياسية، واستحقاقاتها الانتخابية.. وفي مقارباتها الإقليمية.
صحيح أنّ التباين بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» على خلفية إجراء الانتخابات النيابية أو تأجيلها، هو الذي استدعى لقاء تموز الماضي بين الرجلين، لا سيما أنّ «العونيين» بدوا مزعوجين من «تشابك يدَي» الضاحية الجنوبية بأيدي الخصوم من باب التمديد لمجلس النواب، لا بل ذهبوا إلى حدّ التهويل بتمزيق ورقة تفاهم «مار مخايل».. إلا أنّ ثمة قضايا أكثر أهمية قد تكون فرضت نفسها على طاولة «السيد» و«الجنرال» في هذه اللحظة المصيرية بالذات.
ولكن في كلتا المحطتين، أحاط الحليفان لقاءيْهما بجدار حديدي من السرية، من دون نفي أو تأكيد انعقادهما، على قاعدة إن حصلا فخيرٌ، وإن لم يحصلا فلا داعي لإلغاء هذا الاحتمال.. «كي لا يفرح الحسّاد».
الأكيد أنّ كثيراً من الملفات الشائكة حضرت في اللقاء الأخير، واستدعت التشاور بين الحليفين على عتبة الخوف من دخول البلاد في نفق «الفراغ الشامل»، رئاسة وبرلماناً وحكومة، لا سيما إذا اصطدمت مشاورات اللحظة الأخيرة بحائط المناورات المتبادلة، التي قد تحول دون رؤية الحكومة الجامعة النور.
سيناريو ليس خيالياً، قد يصبح حقيقة ملموسة إذا ترك المركب اللبناني للرعاية الإلهية دون سواها، نتيجة رفض القوى السياسية الجلوس إلى طاولة مستديرة بحثاً عن علاجات موضعية أو جذرية لإعادة تسيير دفة الحكم.
أول تلك البنود العالقة هي الأزمة السورية. عملياً، يجوز القول إنّه ما دامت نيران الحرب السورية تأكل الأخضر واليابس، فهذا يعني أنّ «حزب الله» لن يساير خصمه «الأزرق» في العودة أدراجه إلى الداخل اللبناني، ما يعني استطراداً أنّ جلوس الطرفين وجهاً لوجه في ضيافة إحدى المؤسسات الدستورية، سيكون ضرباً من ضروب الخيال، إلا إذا قرر أحدهما وفي لحظة تغيّر إقليمي، تقديم بعض التنازلات.. وقلب المشهد رأساً على عقب.
وقد يكون لزاماً على ميشال عون، وهذا من حقّه على حليفه، أن يواجهه بسلسلة من التساؤلات ــ الهواجس حول المستقبل، وتحديدا حول أثمان وتردّدات الزلزال السوري على الداخل اللبناني الذي لم يعد بمنأى عن حممه المشتعلة. فالانتحاريون صاروا بين اللبنانيين ولم يعودوا مجرّد شريط أخبار يتابعونه عن بُعد، وقافلة السيارات المفخخة المتنقلة من شارع إلى آخر، باتت جزءاً من يومياتهم السوداء.
وفي الإقليمي أيضاً، هناك العلاقة «الملتبسة» مع السعودية. السيد نصر الله للمرة الأولى يسطّر مضبطة اتهامية بحقّ السعودية، بنيما كان الجنرال عون يحاول فتح خطوط أقفلتها خصومة مزمنة بين الرياض والرابية. وكأن الأدوار انقلبت بين الفريقين «الرفيقين». «التيار الوطني الحر» يحاول تهدئة الخطّ اللبناني ــ السعودي، بينما «حزب الله» يشعل وقوده.
كما أنّ اشتباك الكبار لم يعد خلف الحدود، وصار على المسرح اللبناني. وهكذا يصبح السؤال عن تداعياته حلقة أساسية من مسلسل الحوار بين «العونيين» و«حزب الله».
بناءً عليه، يصير هاجس الاستحقاق الرئاسي في لبنان تفصيلاً. ليس تفصيلاً بسيطاً بالنسبة لميشال عون، فهو واحد من أبرز المرشحين، وإن لم يقل ذلك، لكنه يتصرف على هذا الأساس. في حين أنّ «رفاق» الضاحية الجنوبية يتكتمون على موقفهم من الانتخابات، وعن مقاربتهم، وعن هوية مرشحهم المفضل.. والسيناريوهات المحتملة للاستحقاق إذا حصل في موعده بناءً على تقاطع إقليمي ــ دولي ورغبة غربية بتحصين الساحة اللبنانية الهشّة، أو إذا أُحيل إلى «تقاعد الفراغ»، والرهان بالتالي على المتغيرات الخارجية.
الأكيد أنّ علاقة الحليفين التي تقترب من عامها الثامن، على عتبة تحديات كبيرة. في أكثر من محطة سابقة عبرت معمودية النار من دون أن تصاب بأي خدش، وفي مرات أخرى خرجت بندوب ظاهرة للعيان. فهل تعلّما من دروس الماضي؟ وهل سيكون بمقدورهما أن يتجاوزا قطوع الرئاسة من دون أي ضرر؟ وهل سيتمكنان من مواجهة احتمال إعادة النظر بالصيغة اللبنانية؟ وبشكل مشترك؟…

السابق
حكومة وأسئلة إلى حزب الله
التالي
الرئيس سيلمان بين الجرأة والمغامرة