ما بين قاتلين: المعلن بحارة حريك والخجول في ستاركو

تفجيران حارة حريك وستاركو
هذا ما كتبه "ابن رشد"، وهو أحد أصدقائي الإفتراضيين الموهوبين على الفايسبوك: "حمل إخراج قيده و سجل سيارته. تولى بنفسه إجراء التحقيق. أراد القول أنا متوحش و عليكم مهابتي. القاتل في الضاحية أراد إبراز وجوده. القاتل في انفجار (محمد) شطح أراد تخفيف وطأة وجوده. يريد ترهيب الخصوم و إعلان بأسه دون إحراج مدبجي خطابه و تلفيقاته. القاتل في الضاحية ينتحر من شدة ضعفه و يأسه. القاتل في تفجير شطح يريد من خصومه أن يبتلعوا هزيمة أكثر مما يتسع حلقهم".

هذا ما كتبه “ابن رشد”، وهو أحد أصدقائي الإفتراضيين الموهوبين على الفايسبوك. لا أعلم اسمه الحقيقي، وقد اختار ان يكتم حقيقته كما أخبرني حفاظا على ودّ الأصدقاء ومراعاة لوشائج القربى في عصر سيادة “الطائفة القبيلة” وتقديس نواميسها الموروثة في بلادنا.

وقد نشر قبل أيام على صفحته تعليقا على انفجاري “ستاركو” و”حارة حريك” ما نصّه:

“ما بين قاتلين… يكاد يخرج من موته ليعلن مسؤوليته. حمل إخراج قيده وسجل سيارته. تولى بنفسه إجراء التحقيق. أراد القول أنا متوحش وعليكم مهابتي. القاتل في الضاحية أراد إبراز وجوده. القاتل في انفجار (محمد) شطح أراد تخفيف وطأة وجوده.  وجوده فاعل أكثر مما يُحتمل. أراد أن يعلن مسؤولية غير صريحة. يريد ترهيب الخصوم و إعلان بأسه دون إحراج مدبجي خطابه وتلفيقاته. القاتل في الضاحية ينتحر من شدة ضعفه و يأسه. القاتل في تفجير شطح يريد من خصومه أن يبتلعوا هزيمة أكثر مما يتسع حلقهم. الإنتصار الكامل هزيمة. لن ننعم نحن بالإستقرار و لن يهنأ المنتصر بنصره حتى يقتنع أنه عليك ترك شيء لخصمك حتى يخاف عليه و يسلي نفسه به”.

وبهذا فإن ما أسماه وزير داخليتنا الطيّب مارون شربل “وقاحة”، واسماه حزب الله في اعلامه “غباء” من الجهة المنفذة لتفجير الضاحية الأخير، لم يكن في واقع الأمر رغم بشاعة الجريمة وهولها سوى خيار حرّ صريح وعلني أقدمت عليه “داعش” التي أعلنت مسؤوليتها عن تخطيط وتنفيذ هذا التفجير الإجرامي، كما اختار الإنتحاري ابن وادي خالد  قتيبة الصاطم أن يقدّم نفسه على رؤوس الأشهاد أنه “البطل الإستشهادي الذي يثأر لشرف السّنة  من عدوّهم حزب الله الشيعي، فيفجّر نفسه ويضرب عمقه ويقتل من جمهوره الذي يتبعه ويؤيّده في تدخله العسكري في بلاد الشام وفي صراع السيطرة على النفوذ في لبنان.

وفي الشطر الثاني لفتة ذكيّة من “ابن رشد”  فالجريمة المقابلة التي أودت بحياة الوزير السابق محمد شطح المقصود فيها ترهيب تيار المستقبل العمود الفقري لقوى 14 آذار، وافهامه أن عدوّه المجهول قوي وقادر على  ضربه في أي زمان ومكان، وحتى في عقر داره بالوسط التجاري وقرب معقله “بيت الوسط” منزل الزعامة السنيّة الحريرية. وهو بهذا الغموض المرعب وتلك القوّة الأمنيّة الغاشمة لا بدّ أن يكون تأثيره شديدا ومقنعا في تغيير الوجهة السياسيّة للجهة المجني عليها ويخضعها ويجعل أقطابها السياسيين “يبتلعون هزيمة سياسيّة أكبر من اتساع حلقهم”، بحسب قول صديقنا الإفتراضي المبدع ” ابن رشد”.

ولكن في النهاية يقدّم “ابن رشد” حكمة ونصيحة، فالحكمة هي أن “الإنتصار الكامل هزيمة”. وهذا صحيح لأن المهزوم بشكل كامل بعد أن فقد كل شيء لم يعد يملك مصالح يخاف عليها، وأصبح يخاف على وجوده من أن يتلاشى ويختفي، وبالتالي فإنه لن يتجاوب ولن يقدّم شيئا للطرف الآخر وسوف يبقى منتظرا تغيّر الظروف داخليا وخارجيا من أجل محاولة الإنقضاض على خصمه وتعديل الميزان السياسي لصالحه. أما النصيحة التي قدّمها صاحبنا الإفتراضي الغامض هي أن”يترك القوي شيئا للضعيف يخاف عليه ويسلي نفسه به”، أي ألا يأكل “اليبضة والتقشيره”، بحسب قول المثل، فالشراهة  السياسيّة كما الشراهة البدنيّة سرعان ما تنقلب على صاحبها سمنة تسبب أمراضا عديدة ومستعصية له، وتسبب النقمة من قبل الآخر الجائع الذي لا يجد شيئا يأكله ويسدّ رمقه.

تحيّة لـ”ابن رشد” ولأمثاله من نخبويي العالم الإفتراضي الذين يتوخون التغيير عبر التأثير في عقول صدأت وخدّرها التفكير الجمعي والحزبي والطائفي حتى عطّلها وباتت تردّد ببغاويا مقولات الجماعة وشعاراتها المقدّسة وهي ما ردّدتها الّا لكي تصطفي نفسها فوق الآخرين فتحكم بواسطتها وتتسلّط.

السابق
حكاية الأخوين الجهاديين الفرنسيين اللذين قتلا في سوريا
التالي
زعيم جبهة النصرة يدعو الى وقف المعارك بين المعارضين والجهاديين بسوريا