جنبلاط: المصلحة الوطنية تقتضي أن تحافظ طرابلس العريقة على تنوعها

أدلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الالكترونية، وقال: “لم تعد عبارات التنديد والاستنكار تكفي لتنقذ مدينة طرابلس مما تمر فيه من نزاعات دامية وحروب استنزاف ومشاكل، سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا، ولم تعد بيانات الشجب لهذا الاعتداء أو ذاك، ولهذه الاشتباكات أو تلك تشفي غليل أبناء طرابلس الذين لطالما اعتزوا بمدينتهم وتنوعها وتعدديتها، وكأن المطلوب ضرب هذه التعددية وإلغاء التنوع الذي هو إحدى أبرز سمات هذه المدينة العروبية المناضلة.
من هنا، فإن إضافة استنكار جديد لما تعرضت له مكتبة السائح في طرابلس، رغم أنه ضروري ويعكس إدانتنا الشديدة لاحراقها في عمل بربري وهمجي، إلا أنه ليس السبيل الأمثل لمعالجة القضايا التي تحتاج اليها المدينة التي استضافت في ما سبق نزار قباني ومحمود درويش ومحمد مهدي الجواهري، وكتب في مجلة “أهل النفط” الصادرة عن المصفاة (الفاعلة آنذاك والمعطلة اليوم) الشاعر بدر شاكر السياب، كما استصافت تحت القصف منذ أشهر قليلة الكاتب والفيلسوف المصري يوسف زيدان.
وطرابلس التي تضم شارع مار مارون وشارع المطران وسواها من المعالم التي تؤكد العيش المشترك، هي أيضا بمثابة كنز تراثي قيد الاندثار. فماذا عن خان العسكر وإستكمال ترميمه، وخان الصابون، وخان المصريين الآيل إلى السقوط كما يبدو، وسيار الدرك القديم، وقصر المغربي في شارع الراهبات، وقصر كستفلس في زقاق القشطة ضمن الأسواق القديمة، وزقاق سيدي عبد الواحد، ذاك الامام الصوفي المغربي الذي أحب طرابلس وعاش ودفن فيها، ناهيك عن القصور القديمة التي يزيد عمرها عن مئات السنين وتقع خلف جامع الاويسية؟
ويضاف إلى هذه اللائحة عشرات المواقع التي لا يتسع المكان لذكرها، فما هي الخطوات التي تتخذ لحماية هذه الآثار من الهجمات العقارية التي تجتاح طرابلس كما بيروت كما العديد من المواقع الأخرى في أنحاء أخرى من لبنان؟ ثم ما صحة ما تم تداوله من معلوماتٍ عن أن مشروعا ما يُخطط له لاقامته مكان مكتبة “السائح” بعد هدمها وكان السبب في حرقها؟ هذا يتطلب تحقيقا شفافا يصل إلى خواتيمه ويعاقب فيه جميع المتورطين”.

ورأى أن “المصلحة الطرابلسية والوطنية تقتضي أن تحافظ هذه المدينة العريقة على تنوعها بعدما غادرتها مؤسسات تربوية عريقة كـ”الفرير” ومدرسة الطليان ومدرسة الأميركان التي كان الشهيد محمد شطح أحد طلابها. وما إحراق بعض المحال واستهداف أخرى بهدف تفريغ المدينة من تنوعها إلا عمل مستنكر ومدان لن يغير من بنيتها الاجتماعية التي لطالما إرتكزت على العيش المشترك مع تعدد الطوائف والمذاهب والاتجاهات السياسية”.

وسأل: “هل يمكن تناسي الاوبرا في طرابلس أو مسرح الانجا الذي تم تدميره، وقد اعترضنا بشدة على ذلك في حينه؟ والسؤال البديهي لماذا تحويل طرابلس إلى طالبانية فكرية أو تصويرها على أنها تماثل قندهار؟ هذه المدينة تعيش فقط من خلال تكاتف أكثريتها بأقليتها أو أقلياتها، وبحماية التنوع فيها.
وكأننا نقرأ الفصول المتتالية من رواية “حي الأميركان” لجبور الدويهي، حيث يتحول البعض من أبناء هذه المحلة أو تلك المدينة يعتبرون أنفسهم جزءا من أحداث كبرى تجري في العالم!”

السابق
المالكي يدفع العراق إلى حافة ’الانفجار النهائي’
التالي
ابو غيدا استجوب رفعت عيد وتركه بسند اقامة