الوزير الحيادي واحتكار التمثيل الشيعي

تمام سلام

يبدو أنّه صار شبه مؤكد خبر ولادة الحكومة الحيادية التي يعتزم فخامة الرئيس ميشال سليمان الاعلان عن ولادتها مع الرئيس المكلف تمام سلام، وخلال ايام قليلة آتية. تأكيدٌ استُحصل عليه ان بواسطة معلومات مسربة عنهما او بالتحليل. والوقت ضيّق جدا عبر امامهما لاعادة التشكيل مرة جديدة في حال العجز عن نيل الثقة، كما هو متوقع، وفي ظل استمرار مواقف زعيم المختارة وليد جنبلاط، الحريص على عدم اغضاب حزب الله منه.

فريق 14 آذار شديد الترحيب بهذه الخطوة، وفريق 8 آذار شديد الانزعاج، وخصوصا حزب الله الذي يلوّح يوميا باللجوء “الى الوسائل كلّها من اجل تقويض خطوة كهذه قبل او بعد وقوعها. وهناك دوما ورقة التمثيل الطائفي الشيعي كواحدة من اهم وسائل الضغط، التي كانت اثبتت نجاعتها الى حد كبير في مرحلة هجوم الثنائي الشيعي، حركة “أمل” و”حزب الله” على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة من اجل اسقاطها عبر بترها من اي تمثيل شيعي. ما عزز ادعاءهما بامتلاك الوكالة الحصرية عن الطائفة، خصوصا فيما يتعلق بتشكيل الحكومات او حين توزيع “مغانم” التوظيف، وذلك طيلة فترة ما بعد اتفاق الطائف.

عن توزيع المغانم يحرص هذا الثنائي على خنق اي صوت يحاول أن يعبّر عن نفسه من موقع المعترض على ادائهما، وإن من خلفية الاستقلال التام عن الاصطفاف الحاصل بين 8 و14 آذار. على عكس ما يحاولان ان يبديانه من مرونة وتسامح في فترات اخرى، بحيث يصبح الاعتراف بوجود هؤلاء المعارضين حاجة، كما جاء في احد خطابات الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، حين اعتبر أنّ “التنوع الموجود على الساحة الشيعية هو شي طبيعي ويجب احترامه لانه يشكل ردا عمليا على من يتهم الحزب بالديكتاتورية وعدم قبوله ايّ مختلف”. وان كان هذا بمثابة اعتراف بواقع يقول إنّ الطائفة الشيعية تغصّ بالكثير من الشخصيات المستقلة والمعارضة.

ولأنّ التجارب العملانية لا تدل على كثير رحابة صدر عند هذا الثنائي، فإنّ احاديث الصالونات السياسية المتداولة هذه الفترة داخل الساحة الشيعية لا تختصر فقط باستحضار الاسماء المفترض ترشيحها للتوزير في الحكومة العتيدة، بل ان النقاش الاهم الذي يجري داخل الجدران هو، وبكل اسف، يتناول التوصيف الذي يمكن ان يطلق على هذه الشخصيات. وبكل اسف ايضا فإنّ التخمين انما ينحصر بين احتمالين: فاما اعتبارهم وزراء شجعان او اعتبارهم وزراء انتحاريين! وفي كلا الحالتين فإن حزب الله وحركة امل هما امام امتحان من نوع آخر. وذلك عبر جوابهما المتوقع عن سؤال مطروح عليهما بقوة يقول: كيف سيتعاملون ان بالوجهة الرسمية او عبر جمهورهما من “الاهالي”، مع امثال هؤلاء الشخصيات؟

وهذا ما سوف تجيب عليه الايام الآتية، لكن بأيّة حال لا يمكن الا التوجه بألف تحية إلى أيّ وزير شيعي محايد سوف يسمى في الحكومة الآتية، وخصوصا الذي سيقبل توزيره، لأنّ هذه الخطوة لا تجسد خدمة للوطن فقط، بل وقبل ذلك تمثل خدمة تاريخية في هذه المرحلة الحساسة للطائفة الشيعية نفسها، عبر تكريس وتظهير واقع التنوع داخلها .

السابق
«لا نريد العيش معاً»
التالي
اطلاق نار في الضاحية فور شيوع نبأ وفاة الزميل كرنيب