مسرح جريمة حارة حريك: تحقيقات وعيون يقظة

مسرح جريمة حارة حريك
في موقع التفجير بحارة حريك الناس غير آبهة بكل من يزور هذا الحي. همّهم التحسّب من المستقبل: كيف يتجنبون الأسوأ مع انتحاري يستطيع أن يوصل العبوة المتفجّرة إلى أي مكان في الضاحية؟

يشتهر الشارع العريض في حارة حريك بأنّه من أكثر الشوارع ازدحاماً في ضاحية بيروت الجنوبية. فهو يمتاز أنه تجاري أولاً بسبب وجود محلات الألبسة والأحذية وغيرها، كما يضمّ إحدى التعاونيات المعروفة التي تكتظ دائماً بالزبائن، إضافة إلى أحد المطاعم الشهيرة الممتلئ بالروّاد، هو مطعم الجواد الذي تهشمت واجهاته الزجاجية وخلا بطبيعة الحال من هؤلاء الروّاد المعهودين.

فما إن تهم بالتقاط الصور حتى تفاجئك عيون يقظة من الناس قبل عيون أمنيي حزب الله الذي هرعوا للاستفسار عن الغاية من التقاط الصور، ولماذا؟ ولحساب من؟ كان يفترض أن نأخذ إذناً بالتصوير، ولعل قلة الخبرة لعبت دورها، قليل من الاستفسار، بعض الأسئلة والأجوبة لا أكثر وينتهي الموضوع.

الناس لا يعيرون اهتماما كبيرا بزوّار شارعهم المفجوع، همّهم التحسّب من المستقبل إذ “كيف سوف نتجنّب الأسوأ”، ويضيفون: “يقولون إنّ العبوة التي انفجرت وزنها فقط 20 كيلو غراما، فما بالنا إذا أصبح وزنها 100 في المستقبل ومع انتحاري يستطيع أن يوصلها إلى حيث يريد؟”.

سليمان صاحب محل الكترونيات وبيع أفلام وأرقاص مدمجة في الشارع العريض المصاب، يجيب على الاتصالات الهاتفية التي ترده كل دقيقة للاستفسار عن صحته وتهنئته بالسلامه: “نيال يلي بيقدر يطلع من المنطقة ويفل في هذه الأيام”.

محل سليمان هذا هو الأقدم، فمن عصر”الكاسيت” والأغاني الشبابيّة، الى عصر الـ”سيدي” صمد محلّه كما صمد اليوم أما هذا التفجير الآثم الذي يبعد عنه أقلّ من خمسين مترا، لكنّه الآن محبط لا يرى أفقا ينهي مأساة الضاحية مع رعب التفجيرات الآتية الى الضاحية.

 أحد أصحاب المحلات قال لنا: “لقد تحسّبنا ونصبت البلدية هذه العوائق الحديد على جانبي الطرق في هذا الشارع وفي الشوارع الأخرى، ما أثّر على حركة التجارة في الضاحية سلباً لأن الزبائن أصبحوا لا يستطيعون ركن سياراتهم كي يترجلوا منها ويشتروا من محلاتنا، وأصبحوا يفضلون الذهاب إلى مناطق أخرى، ولكن مع الأسف كل ذلك لم ينفع وأتانا الانتحاري أمس وفجّر نفسه بالشارع العام دون أن يضطر أن يركن سيارته. لكنّنا في النهاية نؤيّد جهود هؤلاء الشباب”. واشار الى عناصر حزب الله الأمنيين مضيفا: “إن كانوا من حزب الله أو الجيش اللبناني فهم ضمانة أمننا”.

بين وحوش كاسرة تقتل نفسها وتقتل من حولها. من أناس طيبين أبرياء، وبين مواطنين قلقين كتب عليهم ألا ينعموا بنعمة الأمن ما داموا في هذا البلد المعذّب، تقف الضاحية الجنوبية وحارة حريك خصوصاً مع أهلها وتتضامن مع نفسها في وجه الإرهاب الذي يأخذ الناس جملة ولا بعبأ بحياة إنسان ولا بسلامة وطن، والأدهى انه يتوسّل الله في جريمته الجماعيّة هذه.

السابق
مشوار علي خضرا الأخير أبعد من الصيدلية، قرب الله
التالي
قاووق حذر من حكومة استفزاز: شعب المقاومة لا يخشى التفجيرات