انتفاضة ملاك زهوي بعد محمد الشعار.. نحبّ الحياة

ملاك زهوي
دخل لبنان في "العرقنة". حذر منها العديد من المسؤولين والسياسيين. لكن بات العفريت على كفّ لبنان. وهي لا تعني سيارات مفخخة فقط، بل أولا وأخيرا، استهداف مدنيين، كـ"أضرار بشرية جانبية"، في صراعات الاجهزة وتبادل الرسائل الدموية. ملاك زهوي الشابة رفض محبّوها أن تكون رقما أو ضررا جانبيا عابرا.

ذنبها الوحيد انها كانت في المكان الخطأ والوقت الخطأ. ذنبها ان المنتحر اراد الصعود الى الجنة على جثتها. أسبوع فقط فصل بين تفجير ستاركو الذي ادى الى استشهاد الوزير محمد شطح ومعه الشاب محمد الشعار وطارق بدر وغيرهم، وبين تفجير حارة حريك الذي أخذ علي حسن خضرا وملاك زهوي.

 اللبنانيون يسألو: “بكرا مين”؟

ليس مردّ السؤال إلى معرفة السياسي المستهدف بالطبع، ولا المنطقة، بل “الولد” أو “المراهقة” أو “الطفل” الجدد، الذين سيحصدهم التفجير الآتي لا ريب.

ملاك الشابة الجنوبية نعتها بلدتا مجدل سلم وقبريخا بلوعة وحزن. كذلك عبّر اصدقاء الشهيدة على مواقع التواصل الاجتماعي عن تعاطفهم ورفضهم لما يحدث في لبنان، فتناقلوا صور ملاك، وتحسّر الجميع على الشابة التي قتلت مع والدتها ايمان حجازي، أثناء مرورها في ذاك المكان المكتظ بالمحلات التجارية والمطاعم.

أصدقاؤها أنشأوا صفحة خاصة لها على “الفايسبوك” تحت عنوان R.I.P Malak Zahwi ، وقد وصل عدد المشاركين فيها إلى اكثر من 16.500 مشترك في أقلّ من 12 ساعة، وكتبوا على الصفحة “اسمك ملاك وكنت لنا ملاك بلا اجنحة، لكن زمن الظلم قد اسقطك فرفضتي ذلك، فنمت لك اجنحة حلقتي بها للبعيد شهادة مباركة، في ليلة مباركة”. وقاموا بنشر صور خاصة لها في المدرسة وبين أصدقائها، ودوّن المشاركون ايات قرآنية، والعديد من الادعية وتهاني باستشهادها، إضافة الى الاستناكارات الرافضة لهذا التفجير الارهابي.

تحققت أمنية الشابة ابنة (19 سنة)، التي كان آخر ما كتبته على صفحتها الخاصة على “الفايسبوك”: “اللهم احفظ لي أهلي وأحبتي ولا ترني فيهم بأساً يبكيني”. لم تكن تعلم ان الاستجابة ستكون بهذه السرعة وتتحول الى ملاك في السماء لن يرى بعد اليوم أي بأس أو قلق يبكيه. رحلت ملاك محققة رجائها، لكنها لم تدرك ان رحيلها سيترك الاسى والحزن في نفوس عائلتها وكل أصدقائها.

ربما كانت تلميذة ثانوية الكوثر التابعة لجمعية المبرات الخيرية تبحث عن ثياب او حذاء او منديل، وربما أرادت مع والدتها التنزه بين المحلات لتمضية وقت الفراغ قبل العودة إلى المقاعد الدراسية بعد عطلة الاعياد. لا أحد يعلم. لكنّ الاكيد انها باتت شهيدة لاسباب ليس لها أي يد فيها.

  مشهد الموت يتكرر يوما بعد يوم، ويؤكد ان لبنان بإرادته او رغما عنه، بات في قلب الموت. شابان وصبية في عمر المراهقة غادروا هذه الدنيا، وباتوا ضحية الاعمال الاجرامية التي بدأت بالكبار من رجال ونساء، وهي الآن تحصد المراهقين، وفي المستقبل ربما تصيب الاطفال.

 الجديد أنّ اللبنانيين ما عادوا، كلّهم، يذهبون الى التحليلات. معظمهم صار يبني فورا حائط صدّ ضدّ السياسة بمعناها الحربي، وضمن السياسة بمعناها الإنساني، بما هي استعمال أدوات المعرفة من أجل حياة أفضل، وليس مهاجمة الآخرين من أجل قتلهم أو من أجل السيطرة عليهم.

 صفحة ملاك على الفايسبوك، ومن قبلها محمد الشعار، دليل على أنّ في لبنان معسكرا كبيرا ضدّ الحرب الأهلية التي بتنا في قلبها.

السابق
السيارة التي تم الاشتباه بها على جسر الضاحية خالية من المتفجرات
التالي
ضابط في مكافحة الإرهاب سفيرا للسعودية في إيران