مهمة جديدة فاشلة لكيري

من غير المتوقع ان يفاجأ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما يقدم له وزير الخارجية الامريكي جون كيري، اقتراح اتفاق الاطار، الذي تمت بلورته بعد مجموعة من اللقاءات الطويلة التي عقدها المسؤولون الامريكيون مع نظرائهم الاسرائيليين، لضمان تلبية مطالب تل ابيب.

وليس سرا ان الادارة الامريكية تتبنى موقف الحكومة الاسرائيلية المتطرفة، خاصة فيما يتعلق بما تسميه حاجاتها الامنية، ولكن لا نستبعد ان كيري نفسه سيتفاجأ من مطلبين اسرائيليين جديدين، تم التلويح بهما عشية زيارته، وهما ضم منطقة الاغوار لاسرائيل بدل اقتراح بتأجيرها لفترة طويلة، والثاني قضية تبادل الاراضي والتي تضيف عليها اسرائيل اليوم تبادل السكان.

فبعد عشرين جولة من المفاوضات، لا يبدو انه تم التوصل الى اي تفاهم بين المتفاوضين، على اي من البنود، بل على العكس يتم اضافة بنود ومطالب اسرائيلية جديدة، يبدو ان القصد منها افشال المفاوضات، التي كان من المقرر ان تنتهي في نيسان/ابريل المقبل.

فبعد اضافة بند ‘يهودية’ دولة اسرائيل، تمت اضافة مطلب التواجد الأمني الاسرائيلي في منطقة الاغوار، وعشية وصول كيري صوتت لجنة وزارية بالكنيست على مشروع قرار ضم الاغوار، التي تشكل 29 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، متذرعة بحجج أمنية واهية، فالجيش الاسرائيلي يملك احدث الوسائل التقنية التي يستطيع من خلالها مراقبة الحدود دون اي تواجد عسكري. لكن هذه الخطوة التي تتعارض مع القانون الدولي، يبدو ان القصد منها استفزاز الجانب الفلسطيني وتحدي الادارة الامريكية.

اما القضية الاخرى، تبادل الاراضي، والتي وافق الفلسطينيون والعرب على اضافتها للمبادرة العربية، فمن المفترض ان لا تزيد عن واحد او اثنين بالمئة من مساحة الاراضي، لكن اسرائيل تطالب اليوم بأن تصل لعشرة بالمئة، معتبرة ان المهم ان تسلم اراض بحجم الاراضي التي خسرها الاردن في حرب حزيران/يونيو 1976، وقدمت تل ابيب اقتراحا يقضي بضم كتل استيطانية بالضفة الغربية لاسرائيل مقابل تسليم الفلسطينيين جزءا من منطقة المثلث والتي يسكن فيها 300 ألف فلسطيني، في اطار تبادل اراض وسكان، وهو ما لا يختلف كثيرا عن مخطط التهجير الذي كان قدمه وزير الخارجية الاسرائيلي المتطرف افيغدور ليبرمان، ويأتي هذا الاقتراح كخطوة اسرائيلية اولى باتجاه تطبيق شعار ‘يهودية’ دولة اسرائيل.

بعد مرور خمسة شهور على المفاوضات التي تم تمديد فترتها الزمنية بتسعة شهور، يصل كيري حاملا افكارا لاتفاقية اطار، من المفترض ان يعرضها على نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويتضمن هذا الاطار تمديد المفاوضات لمدة عام.

12 شهرا من المفاوضات تعني اخبارا جيدة لتل ابيب، فاسرائيل تواصل احتلال الاراضي الفلسطينية، وتستمر بخطط التهويد والتوسع الاستيطاني. بينما بالنسبة للفلسطينيين هي عام جديد من الاحتلال والقمع، فخلال الشهور الخمسة الماضية التي شهدت المفاوضات اعلنت اسرائيل بناء 6200 وحدة سكنية استيطانية جديدة، وخلال سنة جديدة من المفاوضات من المتوقع ان يتضاعف هذا العدد. عام جديد من المفاوضات يعني 12 شهرا اخرى من الانتهاكات والاعتداءات والاعتقالات، فخلال السنة الماضية التي شهدت المفاوضات، قتلت اسرائيل 36 فلسطينيا وهو العدد الأعلى في السنوات الخمس الماضية.

قد لا يستطيع الفلسطينيون وقف هذه الاجراءات لكن ما يستطيعون فعله، هو مقاومتها، والاهم عدم الرضوخ لمطلب تأجيل طلب الانضمام لمنظمات وهيئات الامم المتحدة، فلم يعد امامهم اليوم من سلاح غيره لمواجهة الهجمة الاستيطانية والانتهاكات الاسرائيلية .

السابق
لعبة خطيرة
التالي
غاز الضحك لتفريق مظاهرة