حيلة اسرائيلية لضم غور الأردن

‘قبل 25 سنة، قُبيل تأدية الكنيست الثانية عشرة اليمين الدستورية، ذهبت لأتلقى النصيحة ممن أسفت جدا لأنه لم يُنتخب لها، هو آبا ايبان. فنصحني بشيء واحد فقط وهو ألا أصوت أبدا لما آمل ألا يمر. وفاجأتني نصيحته جدا لأن من المفهوم من تلقاء نفسه ألا أصوت لما لا أريد أن يحدث. فابتسم وقال: ‘لا تعلم كم مرة يلقى فيها الوزراء واعضاء الكنيست ظروفا يصوتون فيها لقرار ما وهم مقتنعون ألا احتمال لمروره إما لأنه توجد أكثرية معترضة عليه وإما لأن ظروفا دستورية وغيرها ستمنع تحقيقه. وسيكون عندك إغراء كبير لفعل ذلك لأنك تريد أن تكون موافقا لمبادئك وربما لأنك تريد أن تغمز ناخبيك. فلا تفعل ذلك أبدا لأن ذلك تصويت فاسد’.
‘لم أنس قط نصيحة ايبان الوحيدة الغريبة، ولم أنكث قط بوعدي بألا أفعل ذلك. وُجدت مرات كثيرة كان فيها الاغراء لفعل ذلك كبيرا لكنني تذكرت دائما ذلك الحديث.
‘إن تصويت وزراء الليكود الثمانية في يوم الاحد من هذا الاسبوع مؤيدين ضم غور الاردن، كان فاسدا لأنهم علموا بالضبط ما الذي سيحدث لاقتراح القانون في مراحله التالية. لو أنهم اعتقدوا أن للقانون احتمال مرور لما صوتوا له لأنهم يدركون كما آمل معنى اجازة هذا القانون الهاذي الذي لم يمر في أية حكومة يمينية في الماضي حتى تلك التي لم تحلم باجراء تفاوض مع م.ت.ف قط.
‘لكن هذا التصويت أحمق ايضا لأنه اذا كان نابعا من الرغبة في غمز ناخبي المركز فانه يصعب أن نؤمن بأن يوجد أحد منهم في الظروف الحالية يعتقد أن هؤلاء الثمانية كانوا يقصدون حقا وصدقا الفعل الذي قاموا به. فقد كان في هذه المرة أكثر شفافية من المعتاد. وعلى كل حال أخذت العناوين تبلغ الى وسائل الاعلام في العالم، واذا كان أحد يريد أن يعرض اسرائيل على أنها رافضة سلام دائما فهو غير محتاج الى أكثر من هذا التصويت.
‘حينما عرض يغئال ألون خطته لضم غور الاردن على الحسين ملك الاردن، قال له الحسين إنه لا يستطيع أن يوافق عليها. وبيّن الملك أنه يجب عليه أن يرفضها لأن الحديث عن ضم يشبه اقتطاع روسيا من فنلندة، ولن يكون أي شريك عربي في السلام مستعدا للموافقة على ذلك. ففي تلك الايام ندد اليمينيون بشدة بالخطة لأنهم رأوها اقتراحا شديد التنازل، أما رجال المعراخ فلم يكونوا مستعدين لطرحها للنقاش في الحكومة لاسباب مختلفة.
‘بعد أكثر من 46 سنة يحاول عناصر في اليمين أن يتبنوا الفكرة التي ترمي كلها الى حماية اسرائيل من الجبهة الشرقية من وسائل القرن العشرين. واليوم وقد أصبح الجيش الاسرائيلي يملك وسائل تكنولوجية مختلفة تماما، وفي وقت أصبح فيه بين اسرائيل والاردن اتفاق سلام، وفي وقت جرى فيه على العراق تغيير بعيد المدى بعد حرب الخليج الثانية، أصبح الحديث عن فكرة قديمة بل زائدة لا ترمي إلا الى إغضاب من يحاولون التوصل الى تسوية سياسية عن ادراك أن هذا الاتفاق هو مصلحة اسرائيل الحقيقية.

السابق
اسرائيل والأردن والغور المشترك!
التالي
فقدان الأمل