كرة الفساد من ذهب ونفط

تتدحرج “كرة ثلج” فضيحة ” الغاز والنفط مقابل الذهب” من أعالي “جبل” السلطة في تركيا الى “وادي “السلطة العميق في ايران . قيمة فضيحة الفساد في الجانب التركي مائة مليار دولار ، في الجانب الإيراني لم يعرف بعد لان التحقيقات والترددات ما زالت في بداياتها . الثغرة في العقوبات الاميركية فتحت الباب امام الفساد . ذلك انه سمح لإيران بالتعامل بالذهب بديلا عن العملات الاجنبية ، فعمدت أيران الى مبادلة مبيعاتها بالليرة التركية التي لم يكن محظورا التعامل بها بالذهب من السوق التركية . وكانت النتيجة كما حصل في العراق بقانون ” النفط مقابل الغذاء” ، حقائب مليئة بالدولارات تتنقل بين بغداد وعواصم العالم .

في تركيا ، دفع حتى الان ثلاثة وزراء كبار الثمن وهم : معمر غولر وزير الداخلية وظافرتشاغلايان وزير الاقتصاد ووزير البيئة والتخطيط العمراني اردوغان بيرقدار ، ومصطفى دمير الذي باع تراخيص بناء في منطقة ممنوع البناء فيها لانها تقع في منطقة النفق الحديدي تحت البسفور ،وعزل٧٠ ظابطا ومديرا ، وسجن سليمان أصلان الرئيس التنفيذي ل” بنك خلق الحكومي” وأبناء وزراء واستجواب( حتى الان) بلال رجب طيب اردو غان ورجل اعمال إيراني الاصل حصل على الجنسية التركية بعد زواجه بالمطربة المشهورة كاميليا جمشدي ، وغيرهم من العاملين في مؤسسات الدولة من الصف الثاني الذين باعوا وسهلوا حصول أجانب معظمهم إيرانيين على إقامات وتراخيص عمل وتسهيلات في المعاملات . بداية الفضيحة قضائيا كان عندما عثر في صناديق أحذية في منزل سليمان أصلان على اربعة ملايين ونصف مليون دولار . طبعا كانت التحقيقات السرية قد بدأت قبل ذلك ، عندما حامت الشبهات حول رجل الاعمال التركي – الإيراني رضا ضراب الذي يتعامل بالذهب والذي قدرت تعاملاته بعشرة مليارات دولار ، وجرى توقيفه . خلال التحقيق معه تبين انه ليس اكثر من “موظف” عند رجل الاعمال الإيراني بابك زنجاني ، الذي نجح في تفادي القبض عليه في تركيا بعد ان حول مسار طائرته الخاصة قبل هبوطها في مطار تركي .

في ايران جرى الاثنين في٣٠ من كانون الاول ، منع بابك زنجاني من السفر ، والأرجح انه وضع قيد التحقيق بتهمة عدم دفعه لوزارة النفط استحقاقات مالية عليه تبلغ قيمتها اكثر من ملياري دولار ، والالتفاف على الحظر الاقتصادي ، وبهذا وصلت “كرة الثلج” الى ايران . بابك زنجاني ليس رجل اعمال عادي ولا ملياردير عادي . على الأرجح انه “الشجرة” التي تخفي “غابة ” كاملة من المتمولين الكبار سواء كانوا سياسيين او من قيادات ” الحرس الثوري” او المسؤولين ، يكفي كبداية انه كان “رجل” احمدي نجاد ، وكان يطلق على نفسه لقب ” باسيج الاقتصاد”( على مثال الباسيج ميلشيا الثورة) . الغريب في كل هذه القضية ان زنجاني كان قد كشف بالتفاهه على القوانين عندما أضافه الاتحاد الاوروبي على لائحة العقوبات في كانون الاول عام٢٠١٢ ، ثم الولايات المتحدة الاميركية في نيسان٢٠١٣ . رغم ذلك بقي يتمع بالحماية وحرية العمل في تركيا وإيران ، مما يؤشر الى حجم الحماية والرعاية اللتين أحاطتا به .

صعود بابك زنجاني وسقوطه ، يشبه الى حد كبير القصص الهوليودية ، فهو ابن عائلة ميسورة من تبريز،وقد ولد عام ١٩٧١ . انضم الى الحرس الثوري حيث خدم في قيادة الحرس الثوري في أردكان . كلف من قيادة الحرس وعلى الأرجح من جهاز الأمن فيه للعمل في البنك المركزي في طهران ، حيث اصبح سائقا لمدير البنك محسن نوربخش. ثم اصبح وسيطا للبنك . واذا ب”الصبي الذهبي” تقدر ثروته بأكثر من ١٧ مليار دولار و يملك ( هل هو واجهة او شريكا لآخرين من قيادات الحرس) ٧٠ شركة موزعة بين ايران وماليزيا وطاجيكستان وتركيا . ابرز هذه الشركات: ” هولدنيج سورييت قشم” و” مصرف الاستثمارالاسلامي الاول ” في ماليزيا مصرف ” أراش” في طاجيكستان والمؤسسة لاعتبارات المالية ” ويبلغ عدد الموظفين العاملين عنده ١٧ الف موظف .

الطريف في كل هذه القضية التي قد تنهي ولاية حكم اردو غان في تركيا ، وربما تسرع في ايران في تسهيل مهمة الرئيس حسن روحاني في تقليص نفوذ الحرس والمحافظين المتشددين خصوصا اذا بدأ تدحرج الرؤوس الكبيرة ، ان إدارة الرئيس أوباما لم تكن بعيدة عن كل ذلك ، ولهذا يجري التساؤل عما اذا كانت هذه الادارة قد نصبت” فخا” عندما رفعت ” غصن الزيتون” لإيران عبر تركيا باستبدال النفط بالذهب ، لانها كانت تتوقع ان عمليات بالمليارات لا بد ان تفسد ؟

السابق
الحكومة الآن… أو مزيد من الرضوخ
التالي
الجيش يوقف ماجد الماجد أمير كتائب «عبدالله عزام»