لحزب الله يد طويلة في الاغتيالات

قبل دقائق من تصفيته المركزة في صباح يوم الجمعة، في المفترق الاكثر اكتظاظا في بيروت، اصر السياسي اللبناني الكبير، د. محمد شطح، أن ينشر في حسابه على التويتر ما يعتقده عن حزب الله. فقد كتب الجملة الساحقة التي أصبحت وصيته. ‘يجب أن ننظم انفسنا. حزب الله يمارس الضغط بهدف السيطرة على شؤون الامن والسياسة الخارجيه في لبنان، بالضبط مثل سوريا قبل 15 سنة’.

‘غير أن شطح بعد سلسلة مناصب أساسية تبوأها، كان ينبغي له أن يعرف بانه يدخل ميدان نار ويراهن على حياته. وهو بالذات اختبار اظهار عدم الاكتراث. فمع خبرة حزب الله في التصفيات، لم يكتشف حراسه الملاصقين له المتابعة الخفية التي تجري له ولم يحرصوا على ادخال شطح في سيارة مصفحة.

والان يتبين أنه حدد كهدف، فما أن أعلن عن أنه سيجري مقابلة صحفية ليكشف فيها عن ‘كل الحقيقة’ جرت التصفية الدراماتيكية التي تمت في ذات المكان بالضبط، قبل ثماني سنوات.‘الايادي نفس الايادي، والطريقة نفس الطريقة، وحتى الوزن الدقيق للعبوة الناسفة: رئيس وزراء لبنان الاسبق، رفيق الحريري، صفي في بيروت، مثل د. شطح، في انفجار سيارة مفخخة. من خطط ومن نفذ سار على المضمون مع عبوة ناسفة هائلة. في الحالتين لم يكن ممكنا تشخيص الجثث. ومثلما في حينه، عصر أول أمس ايضا تسلى حزب الله ببيانات الشجب ‘للجريمة النكراء’.

‘التصفية الجديدة تمسك بلبنان من قيادة السلطة، اجهزة الامن والجيش، عبر المعسكرات السياسية وحتى آخر المواطنين الذين دخلوا في حالة فزع، في لحظة اختناق في الحلق. فبعد ثلاثة اسابيع كان من المتوقع، والان ليس مؤكدا أنه سيتم، انعقاد المحكمة الدولية في لاهاي للكشف عن الهوية المعروفة لقتلة الحريري والاشارة الى 22 تصفية اخرى تمت منذئذ بانتاج مشترك من ‘محور الشر’: العقل والتمويل في طهران، اللوجستية في دمشق والايادي لحزب الله في لبنان.

‘هكذا قضى نحبهم سياسيون، نجوم اعلام ورواد رأي عام في لبنان استهدفوا بصفتهم ‘اعداء’. انتبهوا الى التوقيت، الى ساحة الحدث والى هوية ضحية التصفية المركزة. العنوان على الحائط، الاختيار دقيق، لا داعي لتبذير الملايين على لجان التحقيق.

‘هذه التصفية تمسك بلباب الرئيس اللبناني ميشيل سليمان في ذروة جهد لتشكيل حكومة جديدة. منذ سنة وهو يحاول ايجاد حل وسط ذكي لا يجر الى عنف بين المعسكرات. حزب الله، رغم ضعفه، يبدي شهية هائلة للانقضاض على الاجهزة وتحويل لبنان الى دولة امتداد لسوريا.

‘كما أن هذه ضربة في البطن الطرية للسعودية. شطح، سفير لبنان السابق في واشنطن ووزير المالية في بيروت، كان ‘العقل’ المدبر والفم الكبير للملياردير سعد الحريري، التفاحة التي سقطت من الشجرة الكبرى، مرعي من القصر الملكي في الرياض بالضبط مثل ابيه الراحل.

‘غير ان الحريري الشاب فرض على نفسه المنفى في السنتين الاخيرتين الهرب من نوايا حزب الله. وهو يراوح بين الرياض وباريس، يدير سياسة حزبه في بيروت عبر السكايب. وصباح الجمعة تقررت مشاورات في محفل موسع. صعد الحريري الى وسائل الاعلام، شطح دخل الى سيارته متأخرا، ربما عرف حراسه مع ذلك وانفجر ميتا في البث الحي والمباشر.

‘المعسكران الكبيران في بيروت، ’8 آذار’ للاسلاميين و ’14 اذار’ لحزب الحريري، ينزعان القفازات. الرئيس الفرنسي يدعوهما الى الهدوء، السعودية توصي مواطنيها بأخذ أول طائرة والهرب، ومثلما هو الحال دوما، أدخلونا الى داخل النار. الاسهل والاكثر راحة هو القاء الوحل اللبناني علينا.’ غير أن هذه المرة لا يوجد من يشتري البضائع المستعملة.

السابق
التدخل العسكري في سوريا
التالي
حوري: هناك موجة غريبة لدى 8 آذار