تحديات اعلان الضاحية

ليس في أوراق العام ٢٠١٣ الذي يطوي اليوم ورقته الأخيرة سوى حصاد العنف. مئات آلاف الضحايا في المنطقة. وأطنان من دموع التماسيح عليها في العالم. فهو في بلدان الثورات، تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، عام القتل لفتح أو لاغلاق الطريق على الحل السياسي. وهو في لبنان عام العنف السياسي الذي يقود الى الفراغ والعنف الارهابي الذي يحرس الفراغ.

السؤال في المنطقة هو: هل يتوقف القتل في العام ٢٠١٤ ليبدأ مسار الحل السياسي أم يتصاعد القتل في معركة المسار الارهابي ومعه؟ ومن يسجل الأهداف لمصلحته في الصراع الجيوسياسي على النفوذ بين القوى الاقليمية برعاية القوى الدولية؟ والسؤال في لبنان هو: هل دخلنا مرحلة البداية في تغيير قواعد اللعبة؟ وهل هناك لاعب قوي بالمطلق وآخر ضعيف بالمطلق أم ان الأمور نسبية ومتغيرة، وان من الوهم لدى أي لاعب أن يفرض رؤيته على الآخرين؟

أمامنا في نهاية العام صورتان مختلفتان في مشهد واحد عنوانه المعلن حماية لبنان. وهو مشهد بدأ بالحرص الرسمي على سياسة النأي بالنفس عن أحداث سوريا ثم بالاجماع على اعلان بعبدا وتحييد لبنان عن صراعات المحاور. وانتهى بالعجز عن وقف المشاركة في حرب سوريا التي رآها حزب الله حرب وجود.

الصورة الأولى تبلورت في ما يمكن أن يسمى إعلان الضاحية عبر خطب الأمين العام لحزب الله. فالسيد حسن نصرالله ذهب الى أبعد من القول إن المشاركة في حرب سوريا هي قرار حاسم ونهائي ولا رجعة عنه. وهو اتهم السعودية بالوقوف وراء التفجير الانتحاري أمام السفارة الايرانية. ثم أوحى ضمناً، من دون تسمية وان سأل: هل تريدون أن أسمي، السعودية بتدبير الاعتداءات على الجيش اللبناني لضرب صمام الأمان.

والصورة الثانية ظهرت في اعلان الرئيس ميشال سليمان من قصر بعبدا أن السعودية قررت تقديم هبة بثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية تجعل الجيش قادراً على مواجهة كل التحديات: من ضمان الأمن الوطني للبنان عبر الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق المرحلة النهائية من القرار ١٧٠١ الى ضمان أمن اللبنانيين من الارهاب.

وليس تسليح الجيش، وهو مطلب قديم كانت دونه الأوضاع المالية للبلد والحسابات السياسية للدول، سوى نقطة الارتكاز في حماية لبنان وبناء مشروع الدولة. وهي تحتاج بالطبع الى نقطة ارتكاز أخرى عبر تأمين المناخ السياسي الحامي للجيش الذي يحمي البلد، بحيث تتكامل القوة على الأرض والمظلة السياسية من فوق، وتحضر الارادة السياسية المعبرة عن المصلحة الوطنية.

والفارق كبير بين الاتهام السياسي للسعودية وبين العمل السعودي الملموس لدعم لبنان.

السابق
الرئيس: حكومة جديدة أو التفاوض
التالي
تصريحات فارغة من اسرائيل