“8 آذار” تسأل عن المقابل للهبة السعودية

رأت “السفير” أنه إذا كانت أي مساعدة للجيش خصوصاً في هذه الظروف مشكورة، وإذا كان الجهد الذي بذله رئيس الجمهورية ميشال سليمان على هذا الصعيد موضع تقدير، إلا أن المبادرة السعودية لا تعفي من طرح بعض الأسئلة الاستيضاحية حول حجمها وتوقيتها وآلية تنفيذها وكيفية التعاطي معها، من حيث الشكل والمضمون:
– ألا يفترض بمجلس الوزراء أن يكون صاحب الصلاحية في قبول أو رفض مساعدة بهذا الحجم؟
– ألم يكن من الأفضل لسليمان أن يتفادى القول في نهاية خطابه: “عاشت المملكة العربية السعودية”، كونه رئيس الجمهورية، مع ما يمثله هذا الموقع من رمز للسيادة والكرامة، لا سيما أن هذه العبارة تخدش “الكبرياء الوطني”، وقد أثارت ردود فعل حادة.
– ما هي الوظيفة السياسية لهذه المساعدة؟
– وفق أي عقيدة قتالية سيجري منح الجيش سلاحاً فرنسياً بتمويل سعودي؟
– هل تندرج هذه المساعدة في إطار تقوية الجيش لمواجهة إسرائيل والإرهاب، أم ان لها غاية أخرى مضمرة، وبالتالي أين ستكون المليارات الثلاثة من معادلة “الجيش والشعب والمقاومة”؟
– ماذا عن طبيعة الأسلحة التي سيحصل عليها الجيش، كما أكد سليمان؟ هل ستمنح فرنسا المؤسسة العسكرية سلاحاً متطوراً؟
– لماذا اعتبرت القناة الأولى الإسرائيلية أن “هبة السعودية للجيش اللبناني تطور مؤثر جداً قد تستفيد إسرائيل من ثماره في المستقبل”، علماً أن العدو كان يعارض بشدة في السابق مد الجيش بسلاح نوعي، خشية أن يستخدم ضده او يقع بحوزة “حزب الله”؟
– لماذا تقرر ان تكون باريس ممراً إلزامياً لصفقة المليارات الثلاثة ومصدراً وحيداً لصفقة التسلح هذه، في حين رُفضت سابقاً عروض للمســاعدة من إيران وروسيا؟
– هل تأتي هذه الصفقة في سياق تعبير ضمني عن صراع فرنسي – أميركي، يترافق مع ابتعاد الرياض عن واشنطن واقترابها من باريس؟
– لماذا جاءت “المساعدة العسكرية” في هذا التوقيت بالذات؟
– هل هناك من يفترض أن “صفقة المليارات” للجيش ستؤدي الى “إحراج” “حزب الله”، بعد حملته الاخيرة على السعودية، وصولا الى “إخراجه” لاحقاً تحت شعار انه لم يعد يوجد أي مبرر للإبقاء على سلاح المقاومة ما دام ان الجيش أصبح قوياً وقادراً على الدفاع عن لبنان، كما كان يطلب الحزب في أدبياته.
– هل ان “إغراق” الجيش بهذا الكرم يهدف الى وضع اليد عليه، وتحويله مع الوقت الى نسخة عن “فرع المعلومات” من حيث الولاء السياسي، أم من شأن هذه المساعدة السعودية ان تمنح المؤسسة العسكرية غطاءً سنياً، إقليمياً ومحلياً، هي بأشد الحاجة اليه في هذه المرحلة لمواجهة الإرهاب الوافد والمجموعات المتطرفة؟
– أين السعودية من “المساعدة السياسية” التي لا تقل إلحاحاً عن تلك العسكرية، بعدما وصل الانقسام الداخلي الى حافة الفتنة الموصوفة؟ وهل هي على استعداد للدفع في اتجاه تشكيل حكومة توافقية وتجنيب لبنان مخاطر المغامرات غير المحسوبة، وماذا عن تعامل السعودية مع الملف السوري واحتمالات تسوية جنيف 2؟
وإلى حين ان تحصل هذه الاسئلة على الأجوبة الشافية، قال مرجع سياسي بارز لـ”السفير” إنه يجب التعاطي بإيجابية مع المساعدة السعودية التي تأتي في وقت يواجه الجيش تحديات كبرى، تتطلب أفضل جهوزية ممكنة، مشدداً على ضرورة تحييدها عن التجاذبات الداخلية. فيما قالت مصادر وزارية في “8 آذار” لـ”الجمهورية” إنّ “أيّ خطوة لدعم الجيش مرحّب بها، وبالتأكيد هناك إجماع عليها ولا أحد يمكنه رفض أيّ مساعدة لهذه المؤسّسة العسكرية الضامنة لاستقرار لبنان والتي يجب ان تكون من أولويات الدولة للحفاظ عليها. لكنّ هناك أسئلة مشروعة تُطرح حول هذه الهبة لجهة التفاصيل المتعلّقة بها والاتّفاقات التي ستُبرَم على أساسها بين الدولة الفرنسية والجيش اللبناني، ونحن نعلم أنّ الدول الغربية كانت دائماً رهينة “الفيتو” الإسرائيلي الذي كان يمنع لبنان من تسليح جيشه بسلاح ثقيل أو أن يتزوّد طائرات استطلاع أو هليكوبتر وناقلات جند، لأنّ المجال الجوّي العسكري صغير وإسرائيل تخشى على أمنها منه”.
وسألت مصادر “8 آذار” عبر “الجمهورية” عن “توقيت تقديم هذه الهبة الآن، بعدما بُحَّ صوت لبنان في المحافل الدولية والاقليمية طلباً للمساعدات العسكرية واللوجستية لجيشه”. كذلك سألت “هل إنّ هذه الهبة مشروطة، وما هي هذه الشروط؟” وختمت: “كنّا نحتاج الى هِبات لتأليف حكومة، أمّا الآن فإننا نحتاج الى حكومة لهذه الهبة الضخمة”. الى ذلك، قال وزير سابق في “8 آذار” لـ”النهار” ان هذه القوى “التي لا تريد الاساءة الى الجيش، سيعمد بعض مسؤوليها الى توجيه انتقاد شخصي الى المبادرة لانها ترتبط بالتمديد للرئيس سليمان، وبالسعي السعودي الى الامساك بالجيش لمواجهة “حزب الله” في الداخل”. وأكد ان اي موقف منسق بين الافرقاء لم يحدد بعد.

السابق
فابيوس: لفك الإرتباط بين ما يحصل في سورية وما يحدث في لبنان
التالي
أوساط سليمان للنهار: موقفه لم يتبدّل من عملية تأليف الحكومة