المفتي قباني والمفتي علي الأمين والمذاهب المغلقة

محمد رشيد قباني والسيد علي الأمين
الطائفة السنية لا تختلف عن غيرها من الطوائف، فحادثة المفتي الجعفري الشيعي في جنوب لبنان، السيّد علي الأمين، ما زالت في الذاكرة وقد عزلته القيادة السياسية للطائفة الشيعية خلال أحداث السابع من أيّار 2008، بسبب مواقفه التي تختلف عن مواقفها. تماما كما أنّ مفتي الجمهورية الشيخ محمد قباني بات "محاصرا" في طائفته بسبب رأيه السياسي.

… وأخيراً استطاعت قوى الأمن الداخلي تأمين خروج مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني من مسجد الخاشقجي بعد محاصرته من جمهور المشيّعين والمتضامنين مع القيادة السياسية للطائفة السنية. حصل هذا بعد ظهر الأحد 29 كانون الثاني 2013.

وكان قباني حاول المشاركة في تشييع الفتى محمد الشعار الذي قضى في انفجار ستاركو يوم الجمعة 27 كانون الأول. وتلك الحادثة ما كانت تمر لو أن الأوضاع عادية، فمن الطبيعي أن يشارك من يريد، وبغض النظر عن رأيه السياسي، في تشييع وتعزية من يتعرض للموت أو القتل، فكيف إذا قضى بعملية اغتيال سياسية؟

إنها مؤشر لما تحولت إليه الطوائف، التي تعيش في لبنان ضمن صناديق معلبة تحوي أناسا يحملون الأفكار والشعارات نفسها، وكل طائفة ترفض أن يكون في صفوفها من يختلف عنها أو يتمايز عن آرائها.

للمفتي قباني الحقّ في المشاركة في التشييع وله الحق بأن يحمل آراء تختلف عن آراء القيادة السياسية للطائفة السنية وله الحق باتخاذ المواقف التي تتناسب مع ما يحمل من أفكار وتوجهات.

لكن الطائفة السنية لا تختلف عن غيرها من الطوائف، فحادثة المفتي الجعفري الشيعي في جنوب لبنان، السيّد علي الأمين، ما زالت في الذاكرة وقد عزلته القيادة السياسية للطائفة الشيعية خلال أحداث السابع من أيّار 2008، بسبب مواقفه التي تختلف عن مواقفها.

ليس هذا فحسب بل إنّ القيادة السياسية للطائفة تفرض مواقفها وآراءها في المناطق التي تسيطر عليها، فهنا ممنوع أعياد الميلاد وهناك لا أعراس تقام، وفي هذه البلدة تمنع عقد حلقات النقاش السياسي إلا إذا كانت تحت أمرة تلك القوة السيطرة.

ويتحول كل مختلف عن سياسة الطائفة التي ينتمي إليها إلى “خائن” و”عميل”. الجميع عليه أن ينضم إلى “القطيع”، لا مواصفات لمعارض أو مختلف ولا تنوّع ضمن الطائفة، وكل منها تسير باتجاه إلغاء الآخر. وكأنّ تجربة الحرب الأهلية لم تترك أثراً في الطوائف بأن أحداً لا يستطيع إلغاء الآخر، وأن التنوع هو الأساس وليس التطابق. ومهما فعلت كل طائفة بمعارضيها لن تصل إلى نهاية التاريخ، وكل الطوائف لا تتشابه فحسب بل تتماثل.

السابق
#الجيش_مش_للبيع: حملة ضد الجيش وسليمان والسعودية
التالي
ربطة العنق حلال أو حرام؟