#الجيش_مش_للبيع: حملة ضد الجيش وسليمان والسعودية

الجيش مش للبيع
ماذا تعني الحملة التي يشنها عدد من الشباب اللبناني ضد إعلان الرئيس ميشال سليمان قبول المساعدة العسكرية السعودية للجيش اللبناني؟ وكيف لمن لا يقبل الاساءة الى الجيش ويطالب بدعمه ان يرفض الموافقة على مساعدته وتقويته؟ وماذا تعني تلك الانتقائية في قبول الهبات؟ خصوصا من مناصري 8 آذار. مستشار الرئيس ميشال سليمان، الوزير السابق خليل الهراوي، نفى لـ"جنوبية" ان يكون لهذه الهبة "أي غايات مضمرة او غير معلنة".

ما إن أعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن قبول مساعدة سعودية قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بقيمة ثلاث مليارات دولار مخصصة لتقوية قدرات الجيش اللبناني وتسليحه، حتى انطلقت حملة على الرئيس سليمان، والمملكة تحت عنوان “الجيش مش للبيع”.

لا يمكن تحديد السبب المباشر لهذه  الحملة التي يشنها الشباب، وماذا تعني هذه المقولة أصلا؟ وهل تندرج هذه المساعدة في إطار تقوية الجيش لمواجهة إسرائيل والإرهاب، أم أنّهم يرون فيها غاية أخرى مضمرة؟

ظهر للمرة الأولى الحذر والغضب من الجيش اللبناني في الشمال بعد المشاكل المتكررة التي شهدتها المنطقة. وكان جمهور 14 آذار في الشمال وصيدا قد اتخذ موقفا من الجيش اللبناني باعتباره منحازا إلى “حزب الله”. فالصور التي رصدت حول مشاركة حزب الله في قمع ظاهرة الشيخ أحمد الأسير تمّ دعيمها بصور عن انحياز بعض قطع الجيش إلى جانب أهالي جبل محسن ضدّ أهالي باب التبانة. ما ولّد موقفا غير معلن من الجيش. وإن أعلن عنه بين الحين والآخر صراخ بعض السياسيين، أبرزهم النائب ااشمالي معين المرعبي الذي قيل إنّه اختلف مع الرئيس سعد الحريري حول خطابه الناري ضدّ الجيش.

الجديد أنّ عرّاب مدينة طرابلس وعرّاب قوى 14 آذار، المملكة العربية السعودية، ردّت على هذه الأصوات، وعلى الحملة التي يشنّها حزب الله ضدّها وضدّ رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بـ”مكرمة” من 3 مليارات إلى الجيش عبر الرئيس سليمان. كما لو أنّ المكرمة كبّلت اصوات النواب والوزراء والناس الذين لطالما دعوا إلى سحب قوات الجيش من طرابلس أو الشمال.

وقد سعى بعض المسؤولين في قوى 8 آذار الى توجيه انتقاد شخصي الى المبادرة لانها ترتبط بالتمديد للرئيس سليمان، وبالسعي السعودي الى الامساك بالجيش لمواجهة “حزب الله” في الداخل. في حين اعتبرت اوساط كتلة “المستقبل” ان مبادرة المملكة هي بمثابة “اعلان الانحياز الى المؤسسة العسكرية الوطنية لكي تكون أكبر قوة مقاتلة في لبنان”.

في هذا الاطار أكد مستشار الرئيس سليمان، الوزير السابق خليل الهراوي، أنّ “مؤسسة الجيش باتت تحتاج لإعادة تجهيز لجعلها قادرة على حماية كل لبنان وحفظ الأمن الداخلي”. وأضاف في اتصال مع “جنوبية” ان هذه المساعدة من شأنها ان تمنح الجيش القدرة على تقوية نفسه ليصبح قادرا على تحمل مسؤوليات الدفاع عن الحدود والسيادة الوطنية”.  ونفى ان يكون لهذه الهبة أي غايات مضمرة او غير معلنة.

لكنّ الإعلام الإلكتروني لـ”حزب الله” شنّ حملة #الجيش_مش_للبيع، التي تناقض المبدأ الاساسي لدعم الجيش والمطالبة بتقويته، لا سيما وانه من المعروف للجميع ان الجيش يعاني من نقص في التسليح لجهة السلاح الحديث، وتقتصر اسلحته على ناقلات جند مدرعة اميركية الصنع ودبابات سوفياتية ومدافع ميدانية. ولطالما دعت القوى السياسية وعلى رأسهم الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله إلى “قيام وزراء من الحكومة اللبنانية بزيارة الدول العربية وإيران من أجل تزويد الجيش اللبناني بما يحتاجه من أسلحة لمواجهة إسرائيل”. في حين أعلن في مناسبة اخرى ان تقديم “سلاح الاميركيين الذي يقدمونه للجيش الهدف منه ليس قتال اسرائيل بل لحسابات داخلية يسمونها مواجهة الارهاب”.

ازدواجية دعم الجيش اللبناني تنتشر بين الجميع، وترتبط بشكل مباشر بالانقسام الموجود في البلاد، فقوى 14 آذار ترحب بالهبة السعودية، في حين يقوم نواب مدينة طرابلس بمهاجمته وإطلاق الاتهامات والدعوات لطرده. كذلك الامر بالنسبة لقوى 8 آذار التي تؤكد على ثلاثية “المقاومة والشعب والجيش” وتنتقد كل من يتعرض له، في حين ترفض الدعم العربي والاميركي له، على اعتبار ان إغراق الجيش بهذا الكرم يهدف الى وضع اليد عليه.

هل فعلا تلك الاموال هي اموال الفتنة في لبنان؟ وهل صحيح ان دعم الجيش بالمال السعودي هو رشوة مشروطة بعزل “حزب الله” وفتح معركة معه؟ وكيف يمكن لدولة تقع في ديون بالمليارات ان تدعم قواتها العسكرية التي تسهر على حماية المواطنين؟ ومن المستفيد من تلك الحملة التي يتم شنها رفضا لتلك المساعدات في الوقت نفسه تدعم الجيش وتطالب مساعدته؟

أسئلة عديدة يصعب الاجابة عنها في ظل هذا الانقسام المنتشر بين القوى السياسية في لبنان، وفي ظل مبدأ التسييس والتخوين والاتهامات المتبادلة التي تطلق من هنا وهناك جزافا.لكنّ الأكيد أنّ الحملة ليست بريئة، وأنّ الآتي من الأيام قد يكشف أسبابها ونتائجها.

السابق
مكاري: توفير العتاد العسكري للجيش يجب أن يستكمل بتأليف الحكومة
التالي
المفتي قباني والمفتي علي الأمين والمذاهب المغلقة