سنة النهايات الحاسمة

هل يكفي ان يواصل الرئيس ميشال سليمان قول “الحقيقة الدستورية” حتى ٢٥ ايار، كما دعاه الى ذلك البطريرك الراعي، لكي يتجنب لبنان سقوطا دستوريا يبدو اشد الاخطار المحتملة والاكثر من افتراضية في السنة ٢٠١٤؟
لم يبق الا القليل القليل من الهيكل الدستوري الذي كادت السنة المشارفة نهايتها تجهز عليه اجهازا شاملا بتمديد لمجلس النواب وبأزمة حكومية هي الاطول في تاريخ الحكومات المتعاقبة وبشلل مؤسساتي عميم. ولا يصح مع هذا الكلام على مصادفة انطلاق السنة الجديدة متزامنة مع الاستحقاقات الدستورية الكبرى الذي هو كلام تعمية وتضليل. الاصح ان ما اريد له من استنزاف الوقت والشلل والتعطيل قد نجح نجاحا منقطع النظير بدليل الوصول الى زمن الاستحقاقات الحاسمة دفعة واحدة وعلى شبه انهيار دستوري كامل يفتح مصير البلاد على مقايضة حاسمة: اما تسوية تكرس الخلل القسري في التوازن السياسي القائم، واما الانهيار الشامل المحقق هذه المرة. ولا نجد في التهويل المتعاظم حيال امكان حسم دستوري يقال انه بات وشيكا لازمة تشكيل الحكومة سوى رسم حاسم نهائي لهذه المعادلة بما يعني ان لبنان يدخل مع بداية السنة سنة الخيار النهائي اي ما اذا كان سيبقى دولة دستورية ونظاما دستوريا او يلتحق التحاقا قاتلا بمعظم دول الجحيم العنفي الذي يجتاح المنطقة.
لا يحتاج الشرق الاوسط الملتهب الآن الى اضافة دولة اخرى الى نادي البلدان المشتعلة لان العالم لم يعد يقيم اعتبارا لبؤرة بالزائد او بالناقص. لذا سيكون الانهيار اللبناني في حال عدم التمكن من تداركه تطوعيا مجانيا اشبه بالانتحار، بل هو الانتحار بعينه الذي لن يوقفه في اللحظة الحاسمة سوى التراجع عن القفز في الهاوية. فهل ترانا لم نفقد الفرصة بعد؟
لمن اسف بل من خوف عظيم ان يشعر اللبنانيون انهم يستقبلون السنة الجديدة كأنها نذير الوصول الى نهاية أشواط الانهيار المتدحرج فيما تتصاعد معزوفات التهويل بالرد على تشكيل حكومة بالخراب. ثمة نبرة هستيرية ترتسم ملامحها تصاعديا كأن تعطيل سنة اضافية من اعمار اللبنانيين لم تكن كافية ولا كل الخسائر التي اصابتهم في الصميم جراء الربط القاتل لمصيرهم بالحرب السورية. لم يعد الاحتكام الى الدستور مسموحا بل هو المعصية التي ترتب عودة حرب اهلية او انقلابا سياسيا – مسلحا او دفع البلاد الى الفوضى الشاملة. تلك هي خلاصة يراد للسنة الراحلة ان تودع عبرها السنة الآتية بلا زيادة او نقصان. فهل تراها “الجبهة الدستورية” الممانعة ستتمكن من الصمود واثبات قدرة كل من ينضوي تحت لوائها على احداث التوازن الذي يكفل منع استباحة النظام وبقايا ما بقي من دستور واعراف واصول؟

السابق
محاربة الإرهاب بدماء السوريين
التالي
الهاجس الأمني يظلّل صيدا