يسافر السياسيون فنبتهج قليلاً بهدنة العيد

عيد الميلاد
ها هي العصا السحرية تمر فوق سماء لبنان وتحوله إلى ساحة كبيرة من الالوان والزينة مع انطلاقة موسم الاعياد. "إرادة الشعب" لا تتعب ولا تملّ وتتحدى المناوشات السياسية والمخاطر الامنية المتنقلة، فخرج معظم المواطنين الى الاسواق وقصدوا المحال التجارية والمولات متحديين المصاعب الاقتصادية والامنية حفاظا على عادات وتقاليد بهجة العيد، معبرين عن مقاومتهم للاوضاع السيئة التي تحيط بلبنان.

يغلب الطابع التجاري على مناسبة عيد الميلاد، فتتشر زينة العيد في المحلات والمؤسسات التجارية في الضاحية الجنوبية والعاصمة بيروت، مروراً بالجنوب والشمال وصولا الى جونية والكسليك والجبل، لبنان يحتفل بميلاد المسيح متخطيا التعبئة التي يقوم بها السياسيون وكلامهم الذي يعكر كل صفو، يحتفل اللبناني بالاعياد بعيدا عن تشنج الخطابات لان أغلبية السياسيين يسافرون إلى اوروبا مع عائلاتهم للترفيه عن انفسهم وتمضية العيد.

تتج وسائل الاعلام في هذه الفترة الى الاعلانات الشيقة والحسومات والعروضات الجاذبة للمشاهدين. ويلعب الاعلام دورا اساسيا في انتشار فكرة العيد وتعميمها على الناس مهما اختلفت طوائفهم. فتتزيّن الشوارع والطرق، وتنتشر شجرات الميلاد المزينة بالالوان والاضواء في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية.

في هذه المناسبة تختلط الشوارع فيما بينها وتصبح جميعها مزينة فيصبح من الصعب التمييز بين المناطق المسيحية والاخرى المسلمة. فيقوم أصحاب المحال التجارية والمولات بتزيين الواجهات بـ”بابا نويل”، والغزلان، والاشجار، والالوان قبل شهر من ولادة المسيح، وبتحضير تشكيلة كبيرة ومنوعة من الهدايا والالعاب والملابس لجذب اكبر عدد ممكن من الزائرين، للاستفادة من موسم العيد.

رغم ارتفاع الاسعار والابتزاز التجاري الذي تلجأ إليه المؤسسات التجارية، إلا ان حركة الاسواق هذه الفترة من السنة تكون قوية بغض النظر عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية المتأزمة التي تنغص على اللبنانيين فرحتهم. غلاء المعيشة يضع اللبناني تحت الأمر الواقع، فيكون مضطرا للقيام بواجباته العائلية والاجتماعية، فهو بدوره لن يقدم على خطوة التسوق إلا ارضاء لعادات وتقاليد العيد المتوارثة منذ آلاف السنين، لتزيين شجرة الميلاد، ووضع الهدايا للصغير والكبير، لذلك تشهد المولات حركة ارتياد كبيرة من قبل المستهلكين.

تتنافس المراكز التجارية الكبرى فيما بينها، وتصبح عنوانا رئيسا لأعياد الميلاد ورأس السنة بزينتها المبتكرة، التي تعمد إلى استقطاب أكبر عدد من الزوار الذين راحوا يقصدونها مع أولادهم ليتفرجوا على “بابا نويل” في عربته الذهبية المحملة بالهدايا أو على القرى الميلادية الصغيرة التي يسكنها البط والإوز أو الدبب القطبية البيضاء المصنوعة من الزجاج أو القطن أو الخشب.

منذ سنوات خلت وأعياد اللبنانيين تتأرجح هبوطا وصعودا بفعل الأزمات السياسية والاوضاع الاقتصادية السيئة التي تتربص بهم وتتحكم بمسيرة حياتهم وتفاصيل يومياتهم، إلا ان لبنان بأكمله يستقبل العيد على طريقته. ورغم استياء أهله من الأوضاع الأمنية غير المستقرة فيه، إلا أن أجواء العيد تبدو كأنها هدنة يريد الجميع الاستفادة منها.

السابق
جنبلاط أبرق الى لافروف ونائبه معزيا بكلاشنيكوف
التالي
علي: الرهان على إسقاط سوريا صار من الماضي