لا شيء مشترك في بلد العيش المشترك

لينا عام الدين
المصلحة العامة المشتركة تجمع وهي نقيض المنطق الأحادي والإتجاه المغلق، وهي التي تنعكس على المصلحة الخاصة وليس العكس. فأين هي المصلحة العامة؟ لماذا غاب هذا التعبير عن الإستعمال ولم نعد نجده في الصحف والمجلات ولا حتى في كلام الناس!

نواجه في الحياة اليومية صعوبة في إقناع اللبناني بالاهتمام في الشأن العام. إذ يدرك القليلون بالعمق مفهوم الشأن العام، ويعود ذلك الى تجذّر الذهنية النشاطية غير الهادفة، التي تقتصر على القيام بنشاط في سبيل الظهور دون السعي الى تغيير في السلوك المحلي. ينعكس ذلك من خلال الكلام التعميمي والاعتماد على الغير وتوجيه المسؤولية بشكل مطلق نحو جهات مجهولة أو الإكتفاء بالتشكي والتذمر وكأنّ ذلك يشكّل ممارسة مواطنية في المحاسبة!

هذا لا يعني انّ اللبنانيين لا يتمتعون بالعديد من الصفات الإيجابية، إلا انّ العمل من أجل الشأن العام لم يحظ بالاهتمام التربوي المرجو. من هنا تبدأ غالبية المشاكل في لبنان. فهناك قضايا عديدة يمكنها ان تجمع اللبنانيين حول المصلحة العامة. ولكن عندما يصعب علينا، كمالكي شقق سكنية في مبنى واحد، تدبير أمورنا بشكل حضاري ديمقراطي، عندها تسأل: كيف يمكن ان يفكر اللبنانيون مع بعضهم البعض في حل أمور أكبر من شؤون المبنى؟

ثم انّك تراهم يطرحون مشاريع عامة في حين لا ترى أيا منهم يهتم بالشارع أمام منزله كمن يقول: “ما هو خارج المنزل لا يهمني كمواطن”.

انّ الحفرة في الشارع تعني كل الناس في هذا الشارع بغض النظرعن إنتماءاتهم الطائفية والحزبية، كما انّه لا يجوز تسييس المسائل الحياتية اليومية والتعاطي معها بشكل سطحي. ثم انّ المصلحة العامة المشتركة تجمع وهي نقيض المنطق الأحادي والإتجاه المغلق، وهي التي تنعكس على المصلحة الخاصة وليس العكس!

أين هي المصلحة العامة؟ لماذا غاب هذا التعبير عن الإستعمال ولم نعد نجده في الصحف والمجلات ولا حتى في كلام الناس!

المواطنة تعني المعايشة والمشاركة في الدولة وتحمل مسؤوليات هذا العيش المشترك. وهي تفترض قناعة سلوكية لدى المواطن بأنه معني وملتزم بالشأن العام كما كانت تردد لور مغيزل: “انا معني، أنا مشارك، انا مسؤول”.

لقد تعرّض لبنان الى الكثير من الويلات والحروب والمتاريس وكلها عجزت عن الفصل بين اللبنانيين، ما يعني أنّ مصالحهم الحياتية اليومية المشتركة ما زالت موجودة وهي تجمع، وبإمكانها ان تشكل وحدة صلبة يمكن الاعتماد عليها في تطوير رؤيا موحدة لبناء لبنان المستقبل. فمن خلال الفعل في الشأن العام والإيمان بالشراكة القائمة على التعاون والاحترام المتبادل نرسّخ وحدتنا الوطنية وبالتالي نحافظ على مصالحنا الوطنية المشتركة.

فكلّ مواطن، في أيّ موقع كان، هو مراقب وفاعل ومسؤول! فلنعمل سويا من أجل المصلحة العامة ونغلّب ولاءنا الوطني على انتماءنا الطائفي، ولندحض كلام لويس جوزيف لوبريه الذي كتب جملة في خلاصة دراسته التنموية التي وضعها في عهد فؤاد شهاب، أي قبل خمسين سنة، حين قال: “يحتاج لبنان الى لبنانيين يتضامنون ويعملون في الشأن العام”.

السابق
حزب الله رهين القصير وبقاء الاسد
التالي
الحريري: الأوضاع تنذر في حال تفاقمها بأوخم العواقب ما لم يتم تداركها