زينب حجازي: مصوِّرة شابة لم يكبحها المجتمع أو الحجاب

المصورة زينب حجازي
هي ايقاف لحظة من الزمن لنستمتع بها الى الابد، هكذا يعُرف البعض "الصورة"، أما بالنسبة الى زينب حجازي، فهي مشاق وصعاب، فأن ترى شابة في مقتبل العمر تحمل كاميرا وتجول بين الحضور في مختلف المناسبات، أمر ما زال مستهجناً. فالتاء المربوطة لم تدخل يوماً على إسم المهنة، وما يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة للبعض هو حجاب زينب الذي يعتبرونه عائقا إضافيا، أما زينب، بانة بلدة كفرا الجنوبية، "ففخورة بذلك"، رغم اعتراض عائلتها حتى الآن.

زينب حجازي إبنة الخمسة وعشرين عاماً، من بلدة كفرا الجنوبية، تسكن في بيروت حيث تزاول مهنتها اليوم. تخرجت زينب من إختصاص التسويق من الجامعة اللبنانية الدولية، وبدأت التصوير كموهبة وهواية مارستها أيام المدرسة في صغرها، وعملت على تنميتها حين وصلت الى الجامعة، حيث بدأت تساعد صديقها المصور في تغطية بعض الأنشطة الموكلة إليه، لتبدأ بعدها بالتصوير بشكل منفرد.

زينب تشعر الى اليوم أنها لا توفي التصوير حقه، فهي ما زالت على أول الطريق: “ولأن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، سأتابع رغم ما يعترضني”، ولكن ماذا يعترض زينب؟

تتحدث زينب كثيراً عن النظرة التي تُقابل بها في محيطها كونها مصورة شابة، وخصوصاً كون المجتمع العربي ينظر الى بعض المهن على أنها تخص الرجال فقط، ولا يجدر بالمرأة مزاولتها، فتقول “القليل من الناس هم من يتقبلون فكرة أنني مصورة، حيث يعترض الكثير على كوني فتاة تمارس هذه المهنة، إضافة الى أنني محجبة، حتى عائلتي ما زالت حتى الان تعارض خياري ومهنتي، ويقلقون عليّ دائما ويطلبون مني عدم التأخر بالعودة الى البيت، متذرعين بالوضع الأمني، ولكن بالنسبة لي لا يوجد فرق بين الرجل والمرأة في العمل، فالمرأة نصف المجتمع ومن حقها أن تعمل بالمهنة التي تتقنها وتختارها، ولا يحق لأحد حرمانها من ذلك، وأنا ما زلت أتابع عملي الذي أحب، وسأبقى”.

مصورتنا اليافعة هذه لا تزال الى اليوم تمارس مهنتها، بشكل حر، وتسعى الى التعاقد مع إحدى المؤسسات في مجال التصوير، وتملأ وقتها الفارغ بصور تلتقطها من هنا وهناك، حيث تشير الى أن “أحب الصور الى قلبها هي تلك التي تظهر براءة الأطفال، ووجوه كبار السن التي انقل عبرها تجاعيد السنين. وتتحدث زينب عن صورة هي الأقرب الى قلبها، ففي عدوان تموز “دُمر منزل جدي واستشهد عدد من أفراد العائلة، وكنت منذ صغري أمضي معظم الوقت بين أرجاء هذا المنزل، وعندما ذهبت لأراه بعد الحرب كان مدمراً بالكامل، ولم يبق شيئا منه، وكانت هناك زهرة نبتت فوق الركام فالتقطت الصورة، ولم ألتقط صورة أعظم منها منذ ذلك الحين”.

إذاً زينب إختارت هذه القصة لتحدثنا عن وردة نبتت بين ركام الأبنية المدمرة، وعن فتاة إختارت مهنة لم يردها لها المجتمع ومحيطها، فتذكر زينب بعض التعليقات الجارحة والإستهزاءات التي سمعتها على ألسن كثيرة، وعن شتائم قاسية تعرضت لها مرة عند تصويرها لمظاهرة وتحقير بالحجاب الذي ترتديه، وعن نصائح قدمها لها البعض بأن تترك هذه المهنة لأصحابها أي “الرجال”، وتختار مهنة تليق بحجابها، فتقول لهم زينب”من قال أن للمجتمع الحق بأن يحدد طبيعة مهنتي، طالما أنني أراعي الضوابط الأخلاقية والشرعية، وأعرف حقوقي وضوابطي”.

سألنا زينب خلال حديثنا معها عن أمنيتها، فأشارت بعد صمت الى أن الشهرة ليست طموحها، بل ان يكون للمرأة العربية دور اكبر ومجالاً يفسح أمامها لمزاولة مهنة التصوير، وللدخول أكثر في مختلف مجالات الصحافة، “فلا يجب ان تدفن الفتاة طموحها من اجل إرضاء الناس: “فهم لن يعجبهم العجب، مهما فعلت، ولكن في النهاية سيتقبلون ما تفعله إن رافقته بالعزيمة والإصرار، ونظرة المجتمع ستتغير حتماً، فلتُقم كل فتاة بممارسة المهنة التي تحب ولتكن رائدة فيها، وهكذا سنُغيّر نظرة المجتمع”.

وتختم زينب، المحجبة التي لم يزدها حجابها إلا مزيداً من الإصرار: “يجب على كل فتاة ان تمارس المهنة التي تحب، كما يجب على المجتمع تقبّل عمل المرأة في جميع المجالات، فالمرأة تملك القدرة الكبيرة على العطاء”.

السابق
مقتل سبعة اشخاص بانفجار سيارة مفخخة في ريف حمص
التالي
الراي عن مصادر في حزب الله: نصرالله يخوض الحرب بلا قفازات