الغبيّة ام الذكيّة: أيهما يطلب الرجل؟

رغم انّ العديد من الشباب المتعلمين والجامعيين يظهرون تنوّرا ما تجاه المرأة وحريتها الا انّهم، في دواخلهم، ليسوا الا ابناء امهاتهم وابناء مجتمعهم الذي ينظر الى المرأة على انها ربّة منزل مهما طال بها الزمن ومهما طمحت ومهما حققت من ذاتها.

ع. ف. شاب لبناني جنوبي تجاوزالعقد الثالث من العمر، الا انه الى الآن لم يرتبط بزواج رسمي. السبب الاساسي أنّه يسافر باستمرار بسبب عمله في التجارة وكونه على علاقة بسيدة حيث يقيم في إحدى الدول الاوروبية.

“بدي عون إليّ مش عبء عليي، يقول ع.، ولنسمّه علي مثلا. في حديث علي إلى “جنوبية” يوضح: “العون ليس العون الماديّ، بل العون لجهة الوعي والفهم والاهتمام بالشأن العام”، ويستطرد: “غالبية الصبايا اللبنانيات اللواتي التقيتهنّ كنّ غير مهتمات سوى بلباسهن ورشاقتهن واناقتهن…”.

ويعاني أمثال عليمن صفات عامة تغلب على طبع النساء هذه الأيم، ما يشجع الوسط الشعبي العام على ترداد مقولات مسيئة الى المرأة بشكل عام. ويتنّدر الرجال، في المجتمعات العربية بشكل عام، على “قلّة حيلة المرأة وضعفها وتفاهتها وغيرتها العمياء” وغيرها الكثير. وعندما يتم استعراض ما قاله القرآن عنها فإنّ الاحاديث المناقضة المنقولة بشكل مشوّه تظهر الى السطح مباشرة ولو على ألسنة النساء انفسهنّ.

في المقابل نجد الصبايا، حتى الجامعيات منهنّ، يحاولن بشتّى الطرق استمالة زملائهم من خلال استرضائهم وتحويل انفسهنّ إلى نماذج في اللباس والمشي والكلام… وحين يجري النقاش حول الامر مع هؤلاء يؤكدن انّ “المرأة الواعية والذكية والمثقفة غير مرغوبة من الرجل في مجتمعنا، بل ان العكس هو الصحيح!

توصف المرأة الواعية بأنّها “قوية”، أي تخيف من يودّ الارتباط بها. فيهرب خوفا من سيطرتها عليه. ويسعى وراء المطيعة الودودة التي لا تناقش ولا رأي لها ولا تساجل حتى ولو قضى عمره كله مع إمرأة أجنبية.

لماذا؟ لأنّ المجتمع العربي عوّد رجاله على القيادة والسيطرة والاوامر. الا انّ اللافت في الرجل العربي حين يقترن بالاجنبية أنّه يتحول الى غربي الهوى والهوية، في تعامله وتصرفاته وافكاره وتربيته لأولاده. بل انه يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة مساواة تامة، خصوصا في اعمال المنزل وتربية الابناء وحقوق المرأة.

ورغم ان العديد من الشباب المتعلمين والجامعيين يظهرون تنوّرا ما تجاه المرأة وحريتها الا انهم من دواخلهم ليسوا الا ابناء امهاتهم وابناء مجتمعهم الذي ينظر الى المرأة على انها ربة منزل مهما طال بها الزمن ومهما طمحت ومهما حققت من ذاتها. لذا نادرا ما نلتقي في بيئتنا بالنساء المميزات في اعمالهنّ واللواتي يبرزن كونهن متعلقات في كيانهنّ وبُنيتهنّ النفسيّة على فلسفة الامومة والعائلة.

في هذا الاطار يرى الباحث عباس رضا ردا على سؤال “لماذا يختار الرجل العربي امرأة أدنى منه ثقافة عند الزواج وليست مساوية له؟”، يرى أنّ “البنية العربية هي نتاج هيمنة ذكورية بسبب المشكلة البنيوية، فالرجل يبحث عن الافضل لأنّ هناك تراكمات تاريخية كانت تحتقر المرأة، وتنظر اليها على انها خادمة عند الرجل، وخُلقت لتلبية رغباته”.

والبُنية العقليّة العربية للرجل لا تزال ترفض المرأة الكفوءة، يقول رضا ويضيف: “لهذا يعتبر انّ الامر مهين له، في لاوعيه، فعندما يتزوج امرأة أهم منه علميّا فإنّه يشعر بالمهانة”.

لكننا نلاحظ تغييرا بالمعاملة مع زوجته الاجنبية، فما هو السبب؟، يوضح الباحث رضا: “يشعر العربي بالتفوق الغربي وهيمنة الحضارة الغربية فيتعامل مع الزوجة الاجنبية بشكل مغاير، انطلاقا من ثقافتها، فنرى انه يتزوج من أوكرانية تعمل في بار ويعرّفها إلى عائلته التي تفتخر بها، وهو بذلك يتماهي مع الحضارة الغربية الا انه عندما يعود الى وطنه فإنّه يبحث عن فتاة عذراء (ما باس تمها غير أمها)”. ويختم رضا قائلا:”انها الازدواجية في حياتنا العربية”.

من هنا يرفض علي الارتباط باللبنانية المثقفة لأنّ “لها رأي في كل شيء”. ويرفض التخلي عن الاجنبية لأنها “عون لي في كلّ شيء.. وواعية”.

عجبي.

السابق
جنيف 2: الفشل ينتظر الجميع!
التالي
ريفي لـ«المستقبل»: قتال حزب الله الوجودي في سوريا خطأ تاريخي