رحل فؤاد جوهر عاشق مدينته والنور والارض

فؤاد جوهر

حبة أخرى من عنقود الفنانين التشكيليين البارقة تسقط مخلفة وراءها ابداعات ساهمت إلى حد كبير في صناعة الحالة التشكيلية اللبنانية في تطورها المطرد.
بعد عبد الحميد بعلبكي بأيام يرحل فؤاد جوهر، الفنان الهادئ، الذي يشبه لوحاته إلى حد بعيد في صفائها واتساع مداها.
آخر لقاء لي معه كان خلال معرضه الاخير في غاليري «ارجوان»، وظهر شاحباً ومتعباً، وسألته عن هذا الشحوب ومظهر التعب، فأبتسم إبتسامة غامضة كأنها تخفي شيئاً لا يريد التصريح به وقال: الدنيا متعبة!..
على الرغم من تعب الدنيا كان يرى جمالها ويصوره في لوحات تبرز أجمل ما في الطبيعة مركزاً على الارض والنور، كانت أعماله دائماً مشرقة بصورة ما.
فؤاد جوهر كان صديق النور والتراب.
وقبل هذا كله كان العاشق الموله بمدينته صيدا الذي كان يراها أجمل مدن الدنيا كما يقول، ولعلها كذلك، فصور في لوحاته ناسها وشوارعها ومقاهيها، وحواري المدينة القديمة.
ولم يغب بحر صيدا عن عطائه أو لم يغب اخضرار عشب تلة مقام النبي يحيى، ولا مراكب رجال الاربعين.
فؤاد جوهر كان مقيماً بمدينته، كانت هاجس فنه الاول فنقل بأنطباعيته أجمل ما فيها إلى اللوحة ليعبر ربما عن نوستالجيا عميقة تغلّ في دواخله عبّر عنها من خلال اللون والريشة.
لفتني عناوين بعض معارضه الفردية: (مرايا النور)، (شبابيك الضوء)، (احلام الماء)، (أناشيد لوجه الماء)، (نشيد الارض)، (نوافذ الشمس). غناء على إيقاعات الطبيعة)، (ذاكرة الضوء)، (ذاكرة التراب)، (صيدا بين الذاكرة والواقع).
فؤاد جوهر كان صاحب قضية تقف دائماً خلف انتاجه، كانت قضيته مدينته بما فيها، وهذا العشق لها الذي رافقه على طول مسيرته التي انتهت منذ ايام.
بغيابه يفقد الجسم التشكيلي احد عناصره المميزة والتي ساهمت إلى حد بعيد في إثراء الحالة التشكيلية اللبنانية بفرادة الضوء الذي نفتقده هذه الايام، ونفتقد فؤاد جوهر.

السابق
عون التقى النائب بروك ووفدا من طلاب الجامعة الأنطونية
التالي
أرملة مدرّس أميركي لقاتليه بليبيا: أحبكم وأسامحكم