إسرائيل وخطر الجهاديين

تعكس ردة الفعل الإسرائيلية المضبوطة على حادث مقتل أحد جنودها بنيران جندي لبناني، التحدي الذي تواجهه إسرائيل في هذه المرحلة مع تغير طبيعة المخاطر التي تحيط بها على حدودها مع لبنان. فبعد الحادث لم تكن قادرة على الرد بمهاجمة الجيش اللبناني الذي سارع الى التنديد بالحادث، كما لم يكن في وسعها معاقبة “حزب الله” الذي لاعلاقة له بما جرى.

تتابع إسرائيل بقلق تحول لبنان ساحة خلفية للصراع بين التنظيمات الجهادية المرتبطة بـ”القاعدة” و”حزب الله” الذي اصبح في الاشهر الاخيرة هدفاً لهجماتها داخل الأراضي اللبنانية. وهي لا تستبعد في ظل الاحتقان المذهبي الكبير الذي يسود لبنان من جراء مشاركة “حزب الله” في القتال في سوريا، وفوضى السلاح، وما تعتبره ضعفاً في الحكومة المركزية، إقدام هذه التنظيمات الجهادية على تسخين الحدود اللبنانية – الإسرائيلية لتوريط “حزب الله” في مواجهة لا يرغب فيها مع إسرائيل وقت ينشغل خيرة مقاتليه في الحرب السورية. وما زاد هذه الشكوك كون الجندي اللبناني الذي اردى الجندي الإسرائيلي من الطائفة السنية وليس الشيعية، مما عزز الاعتقاد ان يكون واقعاً تحت تأثير المجموعات السنية الجهادية!

لكن الوضع الاكثر اقلاقاً بالنسبة الى إسرائيل هوالقائم على الحدود في الجولان وخصوصاً مع تزايد حوادث اطلاق النار من الجانب السوري على الجانب الإسرائيلي، وحصول عمليات نوعية مثل تفجير عبوة ناسفة بالقرب من السياج الحدودي لدى مرور دورية إسرائيلية. صحيح أن المجموعات الجهادية مشغولة حالياً بالقتال ضد قوات الأسد، ولكن في رأي إسرائيل عاجلاً ام آجلاً يمكن ان توجه سلاحها الى إسرائيل.

وبصرف النظر عن الانقسام في الآراء داخل إسرائيل حيال ما يجري في سوريا، بين من يعتبر بقاء الأسد يخدم مصلحة إسرائيل، ومن يرى العكس، فإن إسرائيل مدركة للتغير الذي اخذه مجرى الأحداث هناك لمصلحة نظام الأسد. ففي رأي عدد من المراقبين الإسرائيليين، بينهم ايتمار رابينوفيتش الذي كان مسؤولاً سابقاً عن المفاوضات مع سوريا، استطاع هذا النظام الى جانب الانجازات العسكرية الاخيرة التي حققها أن يسترجع جزءاً من مكانته بفضل تعاونه في تطبيق قرار تجريده من الأسلحة الكيميائية وتحوله شريكاً للاتفاق الروسي – الأميركي في هذا الصدد. في حين تبدو المعارضة السورية مشرذمة وخاضعة لنفوذ التنظيمات الجهادية الإسلامية الراديكالية وغير قادرة على الحسم العسكري.

في ظل هذا الوضع، ترى إسرائيل ان العدو الذي تعرفه احسن من العدو الذي لا تعرفه، وينطبق هذا على نظام الأسد في سوريا وعلى “حزب الله” في لبنان.

السابق
الوظائف ليست مستحيلة
التالي
الجيش بعيون إسرائيلية: ضعيف