نقلة الحطب في مرجعيون بمليون ليرة

لم يكن الوصول إلى خيم العمال والنازحين السوريين في حقول سهل الخيام سهلاً، فالطرق المفضية إليها غارقة بالمياه والوحل. لكن ذلك، لم يمنع صبية ووالدهم من الخروج نحو كومة الحطب المبللة بالمطر، من أجل تكسير ما يلزم لمؤونة الصوبيا، لتدفئة العائلة التي تتشابه معاناتها في مواجهة المطر والصقيع مع معاناة عشرات العائلات السورية المنتشرة في سهل مرجعيون، ومحلة مرج الخوخ بين بلاط وإبل السقي.
«جمعنا هذا الحطب من بساتين الزيتون القريبة من الخيام، وهو عبارة عن أغصان صغيرة تركها أصحاب البساتين خلفهم بعدما احتفظوا بالأغصان الكبيرة لمواقدهم»، يقول اسماعيل شبلي الذي يخرج وعائلته مرة أو مرتين في الأسبوع «لجمع ما تيسر من الحطب، ربما لجمع شوال أو شوالين. لا خيار أمامنا غير ذلك لنؤمن الدفء في خيم واهية معلقة في الهواء».
اشترى شبلي الصوبيا بخمسين دولاراً، «ولم اشترها على المازوت إذ بالكاد أحصّل ثمن الخبز، فمن أين لي بثمن المازوت؟». يقول: «لا ننام الليل خشية أن تهبّ عاصفة وتطيح الخيمة ونغرق بالوحل».
أمّنت إحدى الجمعيات مجموعة من الخيام للنازحين في مرج الخوخ، والذين يتجاوز عددهم الـ400 عائلة. ولمواجهة برد الشتاء، دفعت لهم الأمم المتحدة شيكات بقيمة 220 ألف ليرة لكل عائلة من أجل شراء صوبيا ومازوت، ووعدتهم بدفعة لاحقة تبلغ 160 ألفاً. «وفّرتُ بعضاً من المبلغ لأمور أخرى، واشتريت مدفأة على الحطب»، يقول حكمت الجلود، وهو رب أسرة من خمس بنات وثلاثة صبيان وجميعهم دون الخامسة عشرة. يضيف: «أما الحطب فمن ورشة صاحبَي العمل الياس وأسعد متى في كوكبا، اللذين ساعداني بمنحي الحطب وجفت الزيتون».
يعتاد سكان الخيم القادمون من محافظة إدلب على برد الشتاء، «فنحن قريبون من الحدود والجبال التركية التي تعاني شتاء جراء برد قارس، لكن الجديد علينا هو سكن الخيم. ولولا ما نتلقاه من معونة لكان جرى علينا ما جرى على سكان البقاع وعرسال وغيرهم من أوضاع مزرية».
كانت خيم مرج الخوخ لا تتعدى أصابع اليد بعد التحرير سنة 2000، وكان سكانها من المزارعين الذي أتوا إلى المنطقة من أجل العمل، لكن عدد القاطنين هناك اليوم يتجاوز الألف نسمة. «نحاول مواجهة برد الشتاء بأقل كلفة ممكنة، إذ إن معظمنا من دون عمل اليوم»، يقول سلطان الجلود، وهو رب أسرة من ستة أولاد، ومعهم جدهم وجدتهم.

السابق
صورة مخيفة لكنّها حقيقية
التالي
هذا ما أراده هيكل في لبنان