شبكة لتزوير إخراجات القيد

يتوسل النازحون السوريون إلى عكار مختلف الطرق، سواء أكانت شرعية أو غير شرعية، للحصول على مساعدات إضافية من قبل المؤسسات الدولية والعربية، وتحديداً من “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين”، التي تقوم بتوزيع قسائم غذائية وقسائم المازوت، ومواد التنظيف، شهرياً على المسجلين لديها. ولعل التجربة أثبتت أنه وبالرغم من كل التقصير الحاصل على صعيد توفير الخدمات للنازحين، إلا أن ما تقدمه المفوضية لجهة المساعدات الغذائية وهي قسيمة بقيمة 37 ألف ليرة لكل فرد في الأسرة، والاستمرارية في ذلك العمل دفع بالعديد من النازحين إلى التزوير للحصول على إخراجات قيد إفرادية أو عائلية بهدف تقديمها للاستفادة من المساعدات، إذ إن المفوضية لا تقوم بتقديم الدعم سوى للنازحين المدرجة أسماؤهم ضمن قوائمها.

وراج موضوع تزوير إخراجات القيد مؤخراً بين النازحين، وذلـــــك بعد شحّ المساعدات العربية، وتحديدا الخليجية، التي كانت تقدم للــــنازحين، وقيام العديد من الجمعيات بالتوقف بشكل كامــــل، في حين خفف البعض الآخر مساعداته إلى حدودها الـــدنيا.

ويمكن القول إن موضوع رواج تزوير إخراجات القيد وغيرها من أعمال التزوير التي يلجأ إليها النازحون ليس سوى انعكاس لحال الفساد المستشرية داخل الجمعيات التي تقـــوم بإستغلال حاجات النازحين، فيتم جمع التبرعات تحت عنوان دعم النازحين، وتصرف الأموال المجموعة بطرق غير شرعية وغير أخلاقية.

ولعل ما نشرته “السفير” عن قيام مسؤولي إحدى الجمعيات وتحديدا جمعية “وقف طيبة الخيرية” باستغلال حاجة النازحين والقيام بالزواج من قاصرات سوريات، ليس سوى غيض من فيض الفساد وسرقة الأموال الحاصل داخل الجمعيات والتي تقوم باستلام مخصصات شهرية من الخليجيين، تصل إلى ما يزيد عن المليون دولار شهرياً، لا يتم صرف أكثر من ربعها على النازحين.

وفي حين يشن مسؤولو تلك الجمعيات حملة تحريضية على وسائل الإعلام ومراسليها، مطلقين اتهامات وتصنيفات مذهبية، ويعملون على حث النازحين للرد على الحقائق، التي تم عرضها، فإن النازحين يؤكدون وبالأدلة “أن أموالهم قد سرقت وأعراضهم قد انتهكت”، ويتساءلون “أين هي هذه المشاريع التي يتم الاعلان عنها؟ أين المدارس المكفولة، وأين إيجارات منازلنا؟ وأين الجوامع والكرفانات التي تم إنشاؤها في عكار؟”.

“الحاجة هي الدافع وراء ارتكاب مخالفات من هذا النوع”، يؤكد أحمد (رفض ذكر اسم عائلته)، مشيراً إلى أنه بعد عناء طويل من البحث عن وسيلة للحصول على أوراق ثبوتية “عانينا البرد والجوع والحاجة، حتى علمنا بإمكانية تزوير إخراجات قيد مقابل 30 ألف ليرة لبنانية، فلجأت إلى ذلك مجبراً. وتمكنت من الحصول على إخراجات قيد إفرادية وآخر عائلي، وبالتالي بت أستفيد من خدمات مفوضية اللاجئين”.

ويتحدث النازح مصطفى محمد وهو أحد النازحين الذين كانوا مكفولين ضمن “جمعية وقف طيبة”، أن من نزح إلى لبنان في بداية الأزمة تمكن من تحسين أوضاعه والإقامة في أماكن مناسبة، أما اليوم وبعد كثرة الأعداد وشح المساعدات فإن النازحين مستعدون للقيام بأي شيء بهدف الحصول على الطعام، لأن “الجوع كافر ومن لديه ثمانية أولاد لن يدقق في ما هو قانوني وما هو غير قانوني”.

ويؤكد “أن الفساد الحاصل داخل الجمعيات هو ما أوصل الـــــنازحين إلى هذه الحال، لأن الأمــــوال التي تأتي باسم الشعب الســــوري كفيلة بإعطاء كل أســــرة مبلغ 500 دولار شهريا، الا أننا لا نلقى سوى الذل”.

ويضيف: “حجم الفساد دفع ببعض المتطوعين من السوريين الى جمع ملفات عن انتهاكات الجمعيات الإغاثية، بهدف رفعها إلى السفارات المعنية لمراقبة الجمعيات التي تعمل باسمها، ولتصويب العمل لكي لا يضطر النازحون الى القيام بأعمال غير شرعية بهدف تأمين معيشتهم”.

في المقابل، يؤكد عدد من فاعليات وادي خالد “أن تزوير إخراجات القيد يتم بطريقة علنية وسهلة جدا، حتى أن من يقوم بهذا العمل أيضا معروفون”. ويلفت هؤلاء إلى “أن الأوراق تأتي من سوريا مختومة وبطريقة شرعية، حيث يتعامل عدد من المخاتير السوريين المقيمين في المناطق الحدودية اللبنانية مع عدد من الموظفين الرسميين في سوريا، فيتم الحصول على أوراق رسمية مطبوعة على الكومبيوتر ومختومة ولكنها فارغة، ويقوم المختار السوري بتعبئتها بالاسم الذي يريد ووضع صورة الشخص عليها، ويقوم بختمها بالختم الرسمي والأمر نفسه بالنسبة لاخراج القيد العائلي”.

ويضيف هؤلاء: “إن عملية التزوير تتم عبر شبكة من القرى الحدودية ومدينة تلكلخ وحمص تحديدا”، لافتين إلى “أن التزوير ممكن أن يكون للأشخاص الذين فقدوا أوراقهم الثبوتية في سوريا، أو لمن يرغب بزيادة عدد أفراد اسرته بهدف الحصول على مساعدات إضافية، وكل ذلك مقابل 30 ألف ليرة عن كل إخراج قيد وخلال ساعات، إذ إن المختار عادة ما يحتفظ بعدد كبير من الأوراق السورية الرسمية ولا يكلفه الموضوع سوى وضع الأختام”.

السابق
المزيد من الغزل الإيراني
التالي
سرقة معدات بـ10 آلاف دولار بكفررمان