لهذه الأسباب لم تردّ اسرائيل؟

اسرائيل
وطالما أنّ القضية عندها لم تتجاوز الخطوط الحمر ويمكن اختصارها بمقتل جنديّ، فإنّ تحول حزب الله من حزب "مقاوم" الى حزب شيعي مستغرق بمذهبيته ويقاتل الى جانب نظام البعث واجرامه، فإنّ هذه الحالة بنظر اسرائيل تستحق من اجلها السكوت وعدم الردّ.

انّ اغرب ما في حادثة اطلاق النار من احد الجنود في الجيش اللبناني على دورية لجيش العدو في منطقة الناقورة الحدودية، والتي ادّت الى مقتل الرقيب في سلاح البحرية ” شلومي كوهين”، هو تمنّع العدو عن الردّ على الحادثة، ولو بشكل جزئي او محدود او موضعي، كما جرت العادة حتى عندما لا تكون اسرائيل في وارد خوض او توسيع دائرة الاشتباك. إذ كانت تكتفي عندئذ بقصف عدد من القذائف في، او حول، مكان الحادث، ولو من خلفية حفظ ماء الوجه من الناحية المعنوية. حتّى اضعف الايمان هذا لم يحصل، بل رأينا اسرائيل سارعت عبر الناطق باسم جيشها الى تبنّي رواية مديرية التوجيه بالجيش اللبناني، ولم تطالب بأكثر من ضمانات، وان كلامية، من قيادة الجيش اللبناني، بعدم تكرار افعال كهذه. وهذا ان دلّ على شيء فإنّه يدلّ بشكل قاطع، ولا يترك مجالا للشكّ، على انّ اسرائيل لم تسمح باستدراجها الى الردّ. اذا قبلنا ما ذهب اليه البعض من انّ الجندي انّما اقدم على ما اقدم عليه مدفوعا من جهات كانت تتوقع الردّ الحتمي، وصولا الى اشعال جبهة الجنوب. وكما انّ البعض الآخر، خصوصا هنا جماعة الممانعة، بتحليلاتها  “العنترية”، قد ذهب الى اعتبار انّ عدم الرد الاسرائيلي انما هو نتاج عجز العدو او خوفه. وهذا ايضا ما لا يساعد عليه تاريخ من العنجهية الاسرائيلية. فيما الارجح انّ فرضية اخرى حتمت على هذا العدو عدم الرد، الا وهي الابقاء على صورة “حزب الله” المذهبية لا الوطنية. حزب الله (المعني المباشر باستغلال اي توتّر حدودي)، والمتورّط الآن من اخمص قدميه حتى رأسه في الحرب السورية بصفته المذهبية هذه المرة.

وبالتالي فانّ المعجزة التي ما كان هذا العدو حتى ليحلم بها،  وهي غرق الحزب في صورة مذهبية داخل سوريا، لا تريد اسرائيل، من خلال فتح الجبهة، مساعدته على استرجاع، او استحضار، الصورة القديمة التي كان يتميّز لها. تلك التي على اساسها بنى تاريخه كلّه، وما هو عليه الآن حتّى، وعملية الاستقطاب الجماهيري في الساحتين اللبنانية والعربية. ولانّ تسعير الفتنة السنية الشيعية المستيقظة هذه الايام، التي يمثل حزب الله احد طرفيها الاساسيين، يمثّل بالنسبة الى اسرائيل غاية الغايات التي تعمل عليها ليلا نهارا من اجل زيادة حضورها. ولذلك فانّها لم تقدم على ايّ خطوة يمكن ان تساهم في اعادة ما خسره حزب الله من هالة واحترام عندما كان يحمل راية قتال اسرائيل. وطالما انّ القضية عندها لم تتجاوز الخطوط الحمر ويمكن اختصارها بمقتل جنديّ، فانّ تحول حزب الله من حزب “مقاوم” الى حزب شيعي مستغرق بمذهبيته ويقاتل الى جانب نظام البعث واجرامه، فانّ هذه الحالة بنظر اسرائيل تستحق من اجلها السكوت وعدم الرد .

السابق
احتكاك كهربائي بصندوق الضمان بصيدا
التالي
عيد الشرطة العربية في النبطية