صور حيث ورث حزب الله شعبية حركة أمل

صور
الساحة السياسية في صور تحوّلت سريعاً إلى ملعب لحزب الله وأصبحت حركة أمل هي التنظيم الأضعف في المدينة، رغم أنّها ما زالت تحتفظ بمويّدين كثر جلّهم من السكان الأصليين للمدينة وأكثرهم موظفين وتجارا وأصحاب مصالح، والشخصيات المستقلة في صور كثيرة لكنّها غائبة هذه الأيام ومغيّبة الحضور بسبب الشحن المذهبي.

مدينة صور اليوم تعاني بصمت. فقد كان مخططاً لها أن تكون عروس السياحة في الجنوب. غير أنّ الواقع السياسي المضطرب فرض نفسه. فبعد تعرّض عدد من المقاهي والمطاعم لاعتداءات بعبوات ناسفة أدّت إلى تفجيرها، بسبب بيعها الكحول، تناقص عدد تلك المرافق السياحية في المدينة. ما انعكس سلباً على حياتها الاقتصادية التي كانت قد بدأت بالازدهار قبل سنوات بفعل الحركة المالية التي أوجدها اعتمادها من قبل قوات “اليونيفيل” كمركز تسوّق وسهر، وتزايد عدد عناصرهم بعد عام 2006.

“ما في مطاعم وقهاوي جديدة عم تفتح، يللي عم يسكروا أكثر”، هذا ما قاله أحد الناشطين الشباب في ميدان العمل الاجتماعي، ويتابع: “الآن الجوّ السياسي مكهرب بفعل الخضات الأمنية على مستوى لبنان كلّه، لا مشاريع جديدة في المدينة كما أن لا زائرين غرباء كذلك، حتى أن الحافلات الضخمة التي تعوّدنا رؤيتها يومياً في بعض المواسم، والتي لم تكن تنقطع عن لاتردّد كل أياّم العام، وإن بشكل متقطع، اختفت اليوم، لأن الوضع الأمني لا يسمح. والمدارس والجامعات والمؤسسات السياحية التي تستخدم هذه الحاملات لنقل الطلاب والزوّار اللبنانيين من باقي أرجاء لبنان من أجل مشاهدة آثار المدينة العريقة ما عاد القيّمون عليها يأخذون على عاتقهم مسؤولية الحماية الأمنية لحافلاتهم وركّابها، لأن هناك دعاية أن المناطق الشيعية باتت مستهدفة”.

وعن الوضع السياسي والاجتماعي في المدينة يقول محدّثنا لـ”جنوبية”: “في الشتوة الأخيرة غرقت منطقة المساكين، وهي حزام البؤس الذي يحاذي المدينة من الناحية الشمالية، وضاقت شوارعها ولم تحرك البلدية ساكنا. والمساكن منطقة مهملة منذ سنوات ويسكنها الفقراء، وهي الآن تدفع فاتورة الشهداء في سوريا، فقد فقدت حتى الآن أربعة من شبابها وفي المدينة فقدنا اثنين”.

وعندما استفسرنا من صديقنا “الناشط الاجتماعي” عن وضع المدينة السياسي، خصوصا أنّها محسوبة تاريخياً على حركة “أمل” ويحظى فيها رئيس المجلس نبيه بري بشعبية واسعة، أجاب محدّثنا: “كان هذا قبل سنة أو أكثر ربما، ولكن الغلبة الشعبية اليوم باتت لحزب الله بفعل الحملة الإعلامية والتعبئة التي يجريها الحزب في صفوف الشباب، الجيل الصاعد”. ويؤدف: “هؤلاء كانوا سينخرطون في حركة أمل لولا تلك الحملة التي ترافقت مع تجنيد العشرات من هؤلاء الشباب لاستيعابهم داخل جسم الحزب العسكري، واليوم تضاعفت تلك الأعداد مع ما يحكى عن صراع وجود تخوضه الطائفة في سوريا والتخويف من مجيء التكفيريين الجهاديين إلى لبنان من أجل قتل الشيعة وذبحهم”. ويتابع: “وبالتالي فإن الساحة السياسية في صور تحوّلت سريعاً باتجاه حزب الله القويّ الذي يدافع عنّا ويقاتل الأعداء في سوريا وأصبحت حركة أمل هي التنظيم الأضعف في المدينة، رغم أنّها ما زالت تحتفظ بمويّدين كثر جلّهم من السكان الأصليين للمدينة وأكثرهم موظفين وتجارا وأصحاب مصالح”.

وحول وجود شخصيات مستقلة وإذا ما كان لنشاطها وجود أجاب: “الشخصيات المستقلة في صور كثيرة لكنّها غائبة هذه الأيام ومغيّبة الحضور بسبب ما يتم من شحن مذهبي وطائفي في أوساطها الاجتماعية. فالأندية الثقافية والاجتماعية التي تزخر فيها المدينة، وكانت مزدهرة النشاط في السنوات الماضي خفّت صوتها وغاب، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.

السابق
«البيئات الحاضنة».. و«المشروع الإيراني»
التالي
إيران والتزامها بعقد الصفقة