هؤلاء أعدائي … الأحباء !

فيما تشير تقارير صحافية واعلامية الى مفاوضات جارية بين نظام بشار الاسد والجماعات الاصولية المتشددة في شأن اطلاق راهبات معلولا المختطفات منذ اسابيع لا يسع اللبنانيين تحديدا وهم يعاينون يوميات المأساة التي بدأت تثقل على اللاجئين السوريين عندنا الا التخوف اكثر فاكثر من التآمر الدولي المثبت على المؤامرة الجاري حبكها بين النظام وهذه الجماعات. تآمر لم يعد يحتاج الى اي ادلة وقرائن من مقلبيه بدليل ان ملايين اللاجئين السوريين متروكون في العراء في دول الجوار السوري، معظمهم في لبنان، لا يرف حيالهم جفن دولي فيما يتوزع النظام والمجموعات الاصولية مغانم ابتزاز عمليات الخطف المستهدفة المسيحيين حصرا.
قد لا يعرف التاريخ محنة لجوء مماثلة لكارثة اللجوء السوري التي تنذر بتجاوز نكبة اللجوء الفلسطيني وسط صمت دولي مريب لا تقلل منه فتات الاعانات الانسانية للامم المتحدة. ثمة على الارجح اكثر من نصف مليون لاجئ سوري باقل التقديرات يعيشون في الخيم العشوائية في البقاع والشمال وبعض المناطق الاخرى تحت عراء الصقيع عرضة لكل ما يخطر ولا يخطر ببال من المآسي. ولو قيض للبنان كله ان يهب الى نجدتهم لما امكنه وامكنهم ان يتجنبوا تداعيات الكارثة الزاحفة على موجات البؤس المتعاقبة. مع ذلك يبدو الصمت الدولي مثيرا لكل الشبهات مع الانكفاء عن اي تحرك فعال من شأنه احداث ممرات آمنة للاجئين في ارض سوريا، او على الاقل اطلاق مبادرات انقاذية واسعة ومد الدول الرازحة تحت اعباء اللجوء بالدعم الكافي.
يتساءل اللبناني الذي تعتصره عقدة الذنب وهو يعاين موت اطفال او جوع شيوخ ونساء وارتجاف فقراء تحت وطأة الصقيع، كيف لمجتمع دولي ان يقبع ساكتا على نظام تحول آلة منهجية للقتل والمجازر الجماعية والمجازر ضد الانسانية كما بات مثبتا لدى الامم المتحدة فيما هو يمعن في تهجير شعبه الى لبنان ودول الجوار ليحولهم في يوم لن يكون بعيدا قنابل عنقودية تفجر لبنان ومعه المنطقة برمتها؟ كما يتساءل كيف تراه عالم متحضر متمدن يصمت على مجموعات جاهلية اصولية تتحول بين ليلة وضحاها آلة فتك بكل مختلف عن انماطها ولا تخدم الا النظام الذي تقاتله فتغدو “المفاوض” الشرعي معه؟
ليس صحيحا ان المسألة تستحضر فقط تقاطع مصالح بين الاعداء على غرار ما عرف ويعرف لبنان. محنة اللجوء السوري الان تجاوزت ذلك الى صياغة اكبر انكشاف دولي حيال البعد السياسي والميداني والانساني للحرب السورية بما يكفل للنظام تصدير موجات النازحين تباعا وللمجموعات الاصولية الاجهاز على الاقليات بالتكافل والتضامن تحقيقا للمرغوب فيه دوليا في تصفية سوريا تماما للتمكن من فرض التسوية فيها. فهل من لا يزال يصدق ان النظام والاصوليين اعداء؟

السابق
عودة الجندي اللبناني الى مركزه في الناقورة
التالي
التمديد للفراغ في الدولة المشلولة!