من يحاسب الاعلامي العنصري في لبنان؟

اعلام
الاعلام وما أدراك ما الاعلام، في عصر بات كل من يحمل مايكروفونا مذيع (ة)، وكل من يمسك قلما صحافي (ة). لكن من يحاسب الاعلاميين على هفواتهم العنصرية التي ترتبط معظم الاحيان بمواقفهم السياسية او مواقف الوسيلة الاعلامية التي ينتمون اليها؟ وهل تتحمل هذه الوسائل وزر ما يطلقه البعض من موظفيهم من كلام غير مسؤول وعنصري؟ رشا الزين وسناء أبي حيدر ليستا الوحيدتين.

مسلسل العنصرية والتطرف الذي يسلسله عدد من الصحافيين والاعلاميين اللبنانيين، بإرادتهم او سهوا، على صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، في حق النازحين السوريين، أعاد إلى الذاكرة التحقيق الذي أكد ان حرب تموز 2006 شهدت “أعلى نسبة مبيع لأدوية منع الحمل في لبنان”.

في تحليل هذه الظاهرة يمكن القول إنّها طبيعية في حالات الحرب. فالانسان يتعلق بالعائلة ويبحث عن الامان والغريزة لينسى الويلات والاوجاع النفسية والجسدية.

لكن بعد التعليق العنصري للاعلامية رشا الزين ضدّ اللاجئين السوريين، إعتبرت، بعد إلغائها للستاتيوس “المشكلة”، أنّ كل من انتقد عنصريتها يعاني من “عقدة نفسية”!

كذلك نشرت عاملة في قسم الماكياج بتلفزيون “الميادين” صورة على صفحتها، ترافقها جملة عنصرية عن النازحين السوريين باعتبارهم نساء وأطفالا يرسلون رجالهم الارهابيين لتدمير سوريا. من ثم تراجعت عن الستايتوس وأنكرته. هي التي كانت كتبت على الصورة تعليقا قاسيا: “مخيم عرسال للاجئين.. الله لا يشيل عم قلبكن، شمتانة للسما.. اللي بدو يعطيني محاضرة بالانسانية يسكر تمو لان صراحة لاجري هالخونة”.
ردت الاعلامية نجوى قاسم على صفحتها قائلة: “اعتذروا عما فعلتم!!! الكلمات الفايسبوكية والتويترية لا تنهي مأساة اللاجئين لكنّ كثيرا منها يعمق الجروح، وليس جروح السوريين فقط..”.

في هذا الاطار، أشارت الصحافية سلوى فاضل الى أنّ “تعليقات الصحافيين والاعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي إذا جاءت بعد تحقيق يمكن تقبل الامر على انّه تعبير عن رأيهم، لكنّ الخطأ أن يعبروا عن آرائهم بأسلوب نافر”.

وتعليقا على ما كتبته رشا الزين قالت: “ما كتبته ليس مناسبا فهو بغير وقته، وليس الموضوع الشاغل في هذا الوقت، لان التركيز الآن يصبّ على الجانب الانساني للنازحين السوريين ومعاناتهم في ظلّ البرد القارس”. وسألت: “هل تتحمل وسيلة الاعلام تبعات آراء موظفيها التي تنشر أفكارها الخاصة”. وأضافت فاضل في حديث لـ”جنوبية”: “أنا ضدّ إهانة أي صحافي وتوجيه الاتهامات والتصنيفات جزافا، لأنّه لولا الصحافي والاعلام لما نقلت الكثير من الاحداث الى الرأي العام”.

من جهته، أكد الصحفي عماد بزي أنّ المشكلة الاساس هي انّ “المجتمع يعتقد انّ العنصرية التي نصادفها جديدة،  لكن في الحقيقة هي قديمة، لكنّ الجديد ان تكون صادرة عن شخص من المفترض ان يكون واعيا وبعيدا عن التطرف”. وأضاف بزي في حديث لـ”جنوبية”: “المشكلة الآن تقوم على المفاهيم، كشرعة حقوق الانسان وحقوق الطفل وحماية اللاجئين، هي مفاهيم مفقودة عند عدد كبير من الصحافيين”.

وأشار بزي الى انّ “ما يصدر عن الصحافيين ليس بجديد، وهو يعبر عن آرائهم لكنه لا يعكس رأي المحطة او الجريدة، رغم انّ العنصرية التي نراها في الفترة الاخيرة ترتبط بشكل مباشر بالمواقف السياسية”.

كذلك علق الصحافي محمد ابو زيد: “سنا ابي حيدر ورشا الزين من طينة وحدة. طينة الحقد والحقارة، حرام تعطوهم حجم اكبر”. وكتبت الصحافية ضياء شمس: “يقول المثل: داب الثلج وبان المرج… وما يقصده المثل مجازاً أنه يغطي ويخفي العيوب.. إلا في لبنان فقد كشف عن عيوب كثيرة اسوأها العنصرية الفاقعة لدى بعض اللبنانيين ضدّ النازحين السوريين.. والعنصرية وجه من وجوه الفساد المتعددة”.

الاكيد أنّ أحدا لم يقدم أي إعتذار، فهذه ليست المرة الاولى التي تستخدم الالفاظ العنصرية والاسلوب العنصري في الاعلام، ولن تكون الاخيرة، وذلك نتيجة الانقسام السياسي الحاصل والتباينات في المواقف من أسفل الهرم الى القمة.

الأكيد أنّ اللاجئين السوريين هربوا ليس فقط من رصاص النظام السوري ليصبحوا “خونة”، بل أيضا من الجيش السوري الحرّ و”داعش”، وكل من يرفع في وجههم شعار الموت. لذا فحتى في الميزان العنصري، أو في ميزان الانحياز، هؤلاء الصحافيوم والناشطون والأشخاص العنصريون، ينتمون إلى أسفل أنواع المخلوقات البشرية.

السابق
الشاعر أحمد شعيب بينه وبين الشرقية.. إفريقيا
التالي
الجيش اللبناني اعتقل شخصاً عند دوار ايليا