انتحاريان في صيدا: الإقتصاص من الجيش

هل حان دور صيدا بعد طرابلس أم حان موعد اقتصاص أحمد الأسير وحلفائه من الجيش اللبناني بسبب معركة عبرا؟ المشهد المتنقل الذي لفّ عاصمة الجنوب أمس استحضر مناورات الشيخ الفار التي بدا أن تنفيذها الميداني قد بدأ منذ ليل أمس. بعيد التاسعة ليلاً، وفيما المؤسسة العسكرية منهمكة بمتابعة حادثة إطلاق النار على دورية إسرائيلية قبالة رأس الناقورة، تقدم رجل باتجاه حاجز الجيش عند جسر الأولي على مدخل صيدا الشمالي. الرجل الذي كان يلبس بنطالاً وكنزة، كان يحمل بيديه قنبلة. ولما سارع عناصر الحاجز إلى إطلاق النار عليه، فجر القنبلة التي يحملها فقتلته وأصابت بشظاياها جنديين. ولم يكد رفاقهما يستوعبان ما حصل، حتى سمع إطلاق نار كثيف على حاجز الجيش على جسر علمان على بعد كيلومترات قليلة. وتبين أن مجهولين يطلقون النار على الحاجز من البساتين المحيطة به. الجنود ردوا على مصادر النيران التي اخفاها الظلام. واستدعى الجيش الخبير العسكري للكشف على الجثة والتأكد ما إذا كان صاحبها يرتدي حزاماً ناسفاً داخل ملابسه، فتبين عدم صحة هذه الفرضية. أما هوية الإنتحاري، فبقيت مجهولة حتى وقت متأخر من ليل امس.
بعد حوالي نصف ساعة، سمع إطلاق نار من ناحية مجدليون. وتبين بأن سيارة رباعية الدفع من نوع «إنفوي»، رفضت الإمتثال لأوامر عناصر حاجز الجيش الواقع على تقاطع مجدليون ــــ بقسطا، فأوقفها الجنود بالقوة لتفتيشها. وما إن توقف السائق، حتى ترجل الأشخاص الثلاثة الذين كانوا بداخلها. وكان أحدهم يحمل قنبلة بين يديه فجرها بالجنود، فسقط الرقيب أول سامر رزق (1985، من بلدة القاع الحدودية) شهيداً. فيما أطلق رفاقه النار على الشخصين الآخرين اللذين كانا برفقة الإنتحاري فأردوهما. وفي انتظار الخبير العسكري للكشف على الجثتين في حال كانا يرتديان حزاماً ناسفاً، تبين من الكشف على السيارة وجود حزام ناسف بداخلها. التدقيق في هويات الثلاثة كشفت بأنهم الفلسطيني بهاء الدين محمد السيد من عين الحلوة (الذي فجر نفسه) واللبناني ابراهيم المير (من كفرشوبا يسكن في بيروت) واللبناني محمد جميل الظريف (من صيدا). مصدر عسكري كشف لـ «الأخبار» أن السيد ينتمي إلى «كتائب عبدالله عزام». أما الظريف فقد كان من جماعة أحمد الأسير. ولفت إلى توافر صورة بحوزة الأجهزة الأمنية تجمع عدداً من أنصار الأسير والإسلاميين التقطت على شاطئ صيدا قبل أشهر. ويظهر في الصورة الظريف إلى جانب الإنتحاري الذي فجر نفسه أمام السفارة الإيرانية في بئر حسن الصيداوي معين أبو ظهر والشيخ السلفي الفلسطيني بهاء الدين حجير المتواري عن الانظار في مسقط رأسه عين الحلوة، منذ وقوع التفجير، والمطلوب للإشتباه بتورطه فيه. المصدر رجح وجود ترابط بين الإعتداءات الثلاثة على حواجز الجيش في الأولي وعلمان وبقسطا، وأن يكون المنفذون الأربعة منتمين إلى مجموعة واحدة. ولفت إلى احتمال أن يكون «انتحاري الأولي» قد نزل من سيارة الجيب التي كانت في انتظاره، قبل أن تتوجه نحو حاجز علمان ثم حاجز بقسطا بعد أن فجر نفسه.
فور شيوع أنباء الإستهدافات الثلاثة، استقدم الجيش تعزيزات عسكرية إلى صيدا وعزز إجراءاته الأمنية حول عين الحلوة، معلناً الإستنفار، وأقفل حتى منتصف الليل الطريق من الجنوب واليه عند الأولي. وأعلنت الفصائل الفلسطينية الإستنفار أيضاً. وتحدث مصدر عسكري عن تسجيل استنفار مماثل لجماعة «جند الشام» و«فتح الإسلام» داخل المخيم، لا سيما في حي الطوارئ. كما سجلت تحركات لعناصر من جماعة الأسير في منطقة البستان الكبير في صيدا. أما في الوادي بين بقسطا وعبرا فقد سجلت تحركات رُجّح أنها لأسيريين كانوا يتدربون في وقت سابق في هذا الوادي.
وعند منتصف الليل، رفع الجيش جثة انتحاري الأولي وجثث مهاجمي حاجز بقسطا. وسيطر الهدوء الحذر على المدينة، في ظل انتشار شائعات تنبئ بما لا يسمح لعاصمة الجنوب ان تنام قريباً.
وبعيد منتصف الليل، تكرر إطلاق النار عند حاجز الأولي وانتشرت شائعات عن هجوم انتحاري جديد. وتبين أن أحد عمال المطاعم القريبة من الحاجز، توجه سيراً على الأقدام باتجاهه بعد أن أقفل المطعم، فظن عناصر الحاجز أنه متوجه ليفجر نفسه وأطلقوا النار على قدميه ونقل إلى المستشفى للعلاج.
خلف الأبواب المغلقة في عين الحلوة ولدى الجيش والأجهزة الأمنية، بدأت المعلومات التي كانت نظرية في وقت سابق، تنحو باتجاه الأمر الواقع. بينها عشرات التقارير التي حذرت من سيناريو ضد الجيش على غرار طرابلس وعمليات إرهابية تستهدف المراكز العسكرية وشخصيات دينية وسياسية قريبة من حزب الله، والتي لم تكن الأجهزة الأمنية تأخذها على محمل الجد دوماً. الخطوة الأولى التي يرجح اتخاذها لمواجهة ما حصل ومنعاً لتكراره: «الإصرار على تسليم حجير مهما كلف الأمر وجردة حساب جديدة مع جماعة أحمد الأسير» بحسب المصدر.

السابق
التمديد للفراغ في الدولة المشلولة!
التالي
حظوظ التمديد الرئاسي صفر