شركاء في الإثم

تمرُّ ليالي الصقيع طويلةً على آلاف الأطفال النازحين القاطنين في المخيمات العشوائية. تمرُّ ببطء شديد على أطفال جدران القماش والكرتون. ذلك فيما الأهل يبحثون عن ليتر من المازوت أو بعض من الخشب.
كلنا شهود على الجوع والقهر والأمراض المتنقلة بين الخيام المزروعة على عجل بشكل عشوائي في مختلف المحافظات ومعظم الأقضية. واليوم نحن شهود على مأساة أكثر إيلاماً، حيث تجتاح السيول المساكن المرتجلة في المناطق الساحلية، وتثقل الثلوج الأسقف الورقية في الجبال والبقاع وجرود عكار.. ويتكون الجليد على الوجوه الصغيرة التي لم ترَ من الحياة سوى الحروب والموت.
فلتهنأ “مفوضية اللاجئين” و”الجهات المانحة”، فمن لم يُسجل من الأطفال لا مساعدات له. فليتمتع الساسة ذوو الألسنة والجيوب الدافئة، بدفء إضافي من سرقة ما في جيوبنا، فبالتمديد، والتعطيل، لا حكومة، ولا أموال للنازحين. فليأخذ المتأففون من النزوح استراحة وليركنوا إلى مدافئ الحطب، التي تلتهم خضار الجبال قبل أن يعاودوا نشاط التأفف.
فليهدأ الذين كانوا على أهبة الاستعداد لطرد الوافدين من قراهم، بعدما رأوهم يُطردون من قرى أخرى. فليتريث قليلاً المستغلون للنازحات والنازحين القصّر، سياسياً ومالياً وجنسياً.. وليمنحوا الأجساد التي يغزوها الجليد بعض استراحة.. فليمنحوها بعض الصمت.
المأساة أكبر من أن يحصرها كادر الكاميرا، أو أن يلخصها تقرير صحافي لمراسل “يعطيه العافية”.
كنا شهوداً على استغلال مأساة النزوح بأبشع الصور. واليوم نقف شهوداً على الموت الزاحف إلى الخيام الهشّة. فإن لم نرفع الصوت لسنا سوى شركاء في الإثم.
عماد الدين رائف

السابق
الـ 2014 بالغة الصعوبة لبنانياً؟
التالي
الأمم المتحدة تخذل عبد الله: اعتقاله ليس تعسفياً