النهار: لبنان يرتجف أمام كارثة اللاجئين السوريين

كتبت “النهار ” تقول: لم تقتصر آثار عاصفة الصقيع والثلوج التي تضرب المنطقة ولبنان منذ ثلاثة ايام على شلل الحركة والدراسة في معظم المناطق اللبنانية فحسب، بل زادت الشلل الذي يتحكم بالواقع السياسي والذي يتوقع ان يرحّل اي تحرك او جهود محتملة في شأن الملفات العالقة والاستحقاقات الكبيرة الى ما بعد مطلع السنة الجديدة.

ولعل أفضل تعبير عن الواقع المأزوم الذي يشهده لبنان جاء امس على لسان متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة الذي اتخذت عظته في الذكرى الثامنة لاستشهاد جبران تويني، دلالات بارزة من حيث توقيته الصرخة التي اطلقها في هذه المناسبة تحديدا ومن وحي سيرة صاحب الذكرى ومساره الوطني والسياسي والصحافي وابعاد اغتياله في 12 كانون الاول 2005.

ذلك انه في القداس الذي أقيم في كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الارثوذكس في ساحة النجمة إحياء للذكرى اتسمت نبرة المطران عودة بحرارة لافتة، اذ حمل بشدة على مختلف مظاهر “الانحطاط ” التي تسود الواقع السياسي والاجتماعي في لبنان. ومما قال: “ربما كنت ايها العزيز جبران تبكي معنا على القيم التي ناديت بها واستمتّ في الدفاع عنها. فالحرية والسيادة والاستقلال والديموقراطية والعدالة والانفتاح والحوار وحقوق الانسان وكرامته وحقه في التعبير الحر والعيش الكريم اصبحت عبارات فارغة في وطن يرزح ابناؤه يوما بعد يوم تحت نير الظلم والحقد والقتل والتكفير والتطرف والتسلط وامتهان الكرامات والاصطفاف السياسي والانفلات الاعلامي”. واضاف: “لم يتعلم اللبنانيون من سنوات الحرب التي عاشوها ولم يعتبروا ولم يفقهوا بعد ان التباعد بين مكونات الوطن والتنافر والتناحر في ما بينهم لا يؤدي إلا الى دمار الجميع”. واستهجن “انتقال المتاريس من الطرق الى أبواب الجامعات وحتى الى داخلها” وكذلك “تناحر الوزراء في ما بينهم”.

كارثة
في غضون ذلك، أرخت عاصفة الصقيع التي استمرت امس في يومها الثاني بمزيد من الارتباك على الدولة التي واجهت تنامي كارثة حقيقية ومأساة انسانية للاجئين السوريين بالقليل من الامكانات والقدرات لاغاثة عشرات الآلاف من اللاجئين الموزعين على مخيمات عشوائية وخصوصا في مناطق البقاع والشمال.
واذ بدت اوضاع هؤلاء اللاجئين مهددة بشتى انواع الاضرار والاصابات جراء الصقيع القارس الذي يواجهونه في عراء مخيمات مفتقرة الى وسائل التدفئة والاغذية والملابس، شكلت الجولة التي قامت بها وكيلة الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية ومنسقة شؤون الاغاثة في حالات الطوارئ فاليري آموس على المسؤولين مناسبة لإعلاء الصوت الرسمي حيال التقصير الدولي في ايفاء الحاجات الانسانية للاجئين ومساعدة لبنان على مواجهة هذا العبء الهائل.
وقد التقت آموس رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور. وأعرب ميقاتي لدى لقائه المسؤولة الاممية عن “خيبة لبنان من المجتمع الدولي لتجاهله الاعتبارات الانسانية ” للنازحين السوريين الى لبنان، معتبرا ان “تحرك المجتمع الدولي لم يكن على قدر الحاجات اللازمة ومحدودية امكانات الدولة اللبنانية في هذا الصدد”. كما ان الوزير ابو فاعور لفت الى ان موضوع اللاجئين “يتطور ويتفاقم سوءا ” موضحا ان الطلب الاساسي للحكومة اللبنانية “هو ان تكون هناك جهود سياسية فعلية لفتح ممرات آمنة لمساعدة السوريين داخل سوريا لانه الحل الوحيد الممكن من أجل تخفيف عبء النزوح عن لبنان”. ووصف وضع اللاجئين بأنه “كارثي”.
أما آموس، فأكدت ان الامم المتحدة وكل الوكالات والشركاء “يعملون على دعم النازحين والمجتمعات المضيفة والحكومة اللبنانية في الاستجابة لهذه الازمة”، وأشارت الى ان لدى الامم المتحدة “خطة استعداد للشتاء لمساعدة هذه المجتمعات”. واوضحت انها كانت تنوي زيارة سهل البقاع امس لكنها لم تتمكن من ذلك.

أبو فاعور
وأبلغ الوزير أبو فاعور “النهار” ان الصعوبة التي تحول دون القيام بما يتوجب تجاه اللاجئين السوريين هو وجود 1600 موقع للاجئين على امتداد لبنان اضافة الى 431 مخيما عشوائيا مما يحول دون الوصول بسهولة الى كل هذه الاماكن، الامر الذي اضطر الحكومة الى الاستعانة بالجيش لايصال ما أمكن من مساعدات الى هؤلاء اللاجئين.
وسئل عن صحة ما يتردد عن ان هناك مساعدات موجودة فعلا وفرتها المنظمات الدولية، فأجاب ان ما أحضر من مساعدات هو أقل من خمسين في المئة مما هو مطلوب. ولفت الى ان عدد اللاجئين يتغيّر باستمرار وهذا ما حصل بعد بدء معارك منطقة القلمون القريبة من الحدود الشرقية مع لبنان. وأضاف ان “الاولوية الآن لتمرير العاصفة بأقل المآسي والاضرار. وبعد ذلك يجب الانتقال الى بحث جدي في انشاء مخيمات علما ان التفكير العقيم الذي كان يمنع انشاءها قد فشل بسبب الاضطرار الى اقامة المخيمات العشوائية”. وأشار الى انه “على رغم الاعباء الكبرى التي يتحملها الجيش، حمّلناه ايضا هذا العبء”.

التحقيق مع الوزيرين
في سياق آخر اتخذ التحرك القضائي في شأن “صراع الوزيرين” غازي العريضي ومحمد الصفدي امس بعدا عمليا بعدما فتح النائب العام المالي القاضي علي ابرهيم تحقيقا في الاتهامات التي وجهها العريضي الى الصفدي ورد الاخير عليه. وطلب ابرهيم امس من وزير الاشغال الحضور الى دائرته الاثنين المقبل للاستماع الى أقواله في شأن ما أورده في مؤتمره الصحافي الاخير من اتهامات لوزير المال، كما اتصل بالصفدي وطلب منه الحضور بدوره بعد ان يفرغ من الاستماع الى العريضي. وقالت أوساط مطلعة لـ”النهار” إن التحقيق سيتركز على معرفة مدى وجود مخالفات للقوانين وما اذا كانت ثمة أدلة متوافرة على ذلك لكي يتمكن التحقيق من بدء المرحلة التالية انطلاقا من افادتي الوزيرين. وأشارت الى ان الوزيرين أبديا استعدادهما للتعاون مع التحقيق.

السابق
الجيش الاسرائيلي: الحرب مع حزب الله ستندلع بصورة مفاجئة وسريعة
التالي
السفير: النازحون محاصَرون بالصقيع والتقصير