الـ 2014 بالغة الصعوبة لبنانياً؟

قبل أشهر تلقت مرجعيات وشخصيات سياسية تقريراً عن التطورات المرتقبة في لبنان السنة المقبلة 2014 من إحدى أكبر الشركات العالمية التي تتابع بسبب أعمالها الأوضاع المتفجرة في الشرق الأوسط. كان التقرير صغير الحجم لكنه كبير وخطير بسلبية توقعاته. حصلت على نسخة منه في حينه لكنني لم أنشره تلافياً لإخافة الناس، وحرصاً على تفادي السهام وخصوصاً من الذين تدفعهم مصالحهم إلى إشاعة التفاؤل المُصطنع بدلاً من مصارحة مواطنيهم بالواقع المؤلم، بل بدلاً من بذل الجهود الجدية لبناء أسس قوية لتفاهم وطني أو لحوار جدي يؤدي اليه ويبدد التشاؤم الذي يسيطر على النفوس والقلوب والعقول.
ماذا تضمّن التقرير المشار إليه؟
تضمّن “ان لبنان قد يشهد عمليات عسكرية مذهبية مماثلة للتي تجري في سوريا، بعضها قد يعيشه شمال لبنان ولا سيما عاصمته طرابلس بين سنَّتها وعلوييها. وقد تستعمل في العمليات قذائف صاروخية وآر بي جي ورشاشات ثقيلة”.
ويتضمّن أيضاً “أن الأحزاب اللبنانية السياسية والمذهبية عجزت عن التفاهم على قانون انتخاب تجري بموجبه انتخابات نيابية في منتصف السنة الجارية. وأنه من غير المحتمل ان يتوافر نصاب الثلثين الضروري قانوناً لانعقاد جلسة نيابية مخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بدلاً من الرئيس ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في أواخر أيار المقبل. ومن شأن ذلك التسبب بفراغ في البلاد قد يقوِّض قدرة القوى الأمنية والعسكرية غير المُجهَّزة أساساً بما تحتاج اليه من معدات للقيام بمهماتها والمُفتقِرة إلى العديد اللازم، والتي تحوم شبهات الفساد حول البعض داخلها. إلى ذلك فإن المجموعات المذهبية والطائفية تُسلِّح نفسها، أولاً بسبب خوفها من خسارة نفوذها وسلطتها في لبنان جراء خسارة حلفائها الحرب في سوريا. وثانياً، بسبب خلافاتها السياسية والتناقضات التي تمزّقها”. هذه العوامل كلها، تابع التقرير، “يُحتمل أن تقود إلى حرب أهلية في لبنان قد تكون بدايتها في منتصف السنة المقبلة 2014. وحرب كهذه قد تعني سيطرة ميليشيات على أقسام من الأرض أو المناطق اللبنانية، مثل الشوف وعكار والبقاع الغربي وبعلبك والهرمل وطرابلس، كما قد تشهد العاصمة بيروت تبادلات كثيفة لاطلاق النار. أما إذا طال اطلاق النار هذا أكثر من بضعة أيام في كل مرة يحصل فيها، فإن “حزب الله” قد يُقدم على السيطرة على “الطريق الجديدة” وكورنيش المزرعة والحمراء ورأس النبع ووسط بيروت، مؤمّناً بذلك طريقاً مفتوحة له إلى مرفأ بيروت في صورة دائمة. أما المناطق المسيحية في العاصمة وضاحيتها الشرقية مثل سن الفيل والأشرفية فيستبعد التقرير أن تتأثر بالاشتباكات. وأما مطار بيروت ومرفؤها فإن الطرق الموصلة اليهما يمكن ان تتعرض وعلى نحو منتظم للإقفال”.
هل من رأي للأميركيين في التوقعات السلبية المفصّلة أعلاه للشركة العالمية الكبيرة العاملة في الشرق الأوسط؟
يوافق متابعون منهم لأوضاع المنطقة على الاستنتاج الذي قد يخرج به أي قارئ للتوقعات المذكورة، وهو أن السنة المقبلة 2014 ستكون صعبة في لبنان وعلى أبنائه. لكنهم يلفتون إلى أن الكثير من التطورات في لبنان أو سوريا سترتبط إلى حد كبير بالاتفاقات التي سيتوصل اليها المجتمع الدولي واستطراداً اميركا مع ايران الاسلامية. وفي ما يتعلق بالرئيس الاسد فإنه يبلي الآن بلاء حسناً في نظرهم. لكن “التكتيكات” تغيّرت. فالمعارضة السورية صارت مهتمة الآن ليس بالاحتفاظ بأراضٍ سيطرت عليها منذ اندلاع الثورة، بل بشنّ حرب عصابات شاملة على جيشه ومراكزه ومؤسساته ومرافق نظامه، ربما لعجزها عن الاستمرار في السيطرة المذكورة وعن توسيعها. ويشير هؤلاء إلى بعض ما كان يقوله مسؤولون سوريون في “سنوات العزّ” لأميركيين كانت مهمتهم تأمين استمرار الاتصال بين واشنطن ودمشق وأهمه: الخيار الأول، هو الاحتفاظ بسوريا كلها تحت حكمنا. والخيار الثاني، دولة لنا إذا دُفعنا إلى ذلك. والخيار الثالث، تأمين اتصال جغرافي بين هذه الدولة “ومارونستان”، المتصلة بدورها “بدروزستان”، المتصلة بدورها بكانتون “حزب الله”، المتصل جغرافياً باسرائيل. وهذا أمر يجعلنا نقلق، يضيف المتابعون الأميركيون انفسهم، على المدينة الثانية في لبنان طرابلس، ونتساءل اذا كانت التقسيمات “الدولية” المذكورة يمكن ان تتم على البارد؟ وهل لا مفرّ منها؟

السابق
قمة الكويت احتوت المواجهة وبقي احتضان المصارحة
التالي
شركاء في الإثم