السفير: النازحون محاصَرون بالصقيع والتقصير

كتبت “السفير ” تقول: إذا ما صدقت توقعات مصلحة الأرصاد الجوية، فستبقى العاصفة القطبية “الكسا” ضيفاً ثقيلاً على لبنان حتى يوم غد السبت، ومع اشتداد العاصفة اعتباراً من بعد ظهر امس، واحتمال تصاعدها أكثر في الساعات المقبلة بحيث تلامس الثلوج المرتفعات ما دون الـ600 متر، قررت وزارة التربية إقفال المدارس الرسمية والخاصة لليوم الثالث على التوالي.

غطت “الكسا” المرتفعات ببياضها، لكنها لم تستطع أن تغطي مساحة الهريان والثغرات التي تعتري المشهد السياسي بكل مستوياته الرسمية والادارية، واذا كانت قد رمت بثقلها على اللبنانيين الذين أصابتهم خسائر وأضرار كبرى، فإنها أماطت اللثام عن مأساة إنسانية تضرب النازحين السوريين المتروكين لقدرهم في العراء، يصارعون الصقيع القارس والثلج والمطر، ويفتقرون إلى الحد الأدنى من وسائل التدفئة، مما ينذر بكارثة إنسانية تلوح في الأفق إذا ما اشتدت العاصفة أكثر.

وثمة علامات استفهام حول الجهات المعنية اللبنانية والدولية وتقصيرها في هذا المجال، وكذلك حول الوعود التي أطلقها من تباكوا على النازحين في إطار البازار السياسي المفتوح في البلد.

لبنان الرسمي نأى بنفسه عن التقصير، ووجّه عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي انتقاداً الى المجتمع الدولي، مؤكداً أن “تحرك هذا المجتمع لم يكن على قدر الحاجات اللازمة في ظل محدودية إمكانات الدولة اللبنانية في هذا الإطار”.

سياسياً، ينتظر أن تشكل زيارة رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي لبيروت غداً السبت، فرصة لوضع لمسات تمهيدية لاجتماع دولي يُعقد في روما بهدف دعم الجيش اللبناني. ومن المقرر أن يجري مونتي محادثات مع كبار المسؤولين اللبنانيين ويتفقد كتيبة بلاده العاملة في عداد “اليونيفيل”. ولعل الملف الأبرز الذي سيستحوذ
على حيز مهم في المحادثات هو دعم الجيش تنفيذاً لخلاصات مجموعة الدعم الدولية التي اجتمعت في نيويورك في ايلول الماضي، وقالت مصادر رسمية إن البحث سيتركز على عقد اجتماع دولي في روما لدعم الجيش، وقد أعد الجانب اللبناني ملفاً متكاملاً في هذا الخصوص، وفق الخطة التي أقرها مجلس الوزراء لتجهيز الجيش وتسليحه.

وفي السياق ذاته، أبلغت مصادر رسمية لبنانية “السفير” أن هناك فرصة جدية “لأن تسعى فرنسا الى انعقاد مجموعة الدعم الدولية في باريس خلال النصف الأول من العام المقبل، وسيكون لانعقاد المجموعة مجدداً تأثير مباشر على الوضع اللبناني، وتحديداً ببعده السياسي، خاصة أنه يترافق مع الاستحقاق الرئاسي”.

ولفتت المصادر الانتباه إلى أن انعقاد مجموعة الدعم في باريس، معناه أن الاجتماع سيكون شبيهاً باجتماع نيويورك، وبالتالي فإن رئيس الجمهورية ميشال سليمان هو من سيترأس وفد لبنان الى هذا الاجتماع”.

وتزامناً دخلت باريس في حراك جدي ربطاً بالاستحقاق الرئاسي في لبنان، ومن المتوقع أن تشكل زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للسعودية في نهاية الشهر الحالي، محطة لافتة للانتباه في سياق مقاربة الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وذلك على مسافة شهرين ونيف من بدء العد العكسي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية أو تجديد ولاية الرئيس ميشال سليمان لفترة زمنية معينة أو الدخول مجدداً في الفراغ الرئاسي، على نمط نهاية عهد الرئيس السابق إميل لحود.

ووفق مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع، فإن الفرنسيين أخذوا على عاتقهم أوروبياً، ومع حلفائهم الأميركيين، أن يتولوا إدارة الاستحقاق الرئاسي، وعلى هذا الأساس، بادر هولاند إلى مفاتحة نظيره اللبناني بقضية التمديد الرئاسي في اللقاء الذي جمعهما على هامش دورة الألعاب الفرنكوفونية في نيس في أيلول الماضي، ولم يكتفِ بذلك، بل ألمح إلى أن مسألة إخراج التمديد سيأخذها الفرنسيون على عاتقهم.
وقالت المصادر لـ”السفير” إن سليمان كان صريحاً عندما فاتح نظيره الفرنسي أنه يفضل تجديد انتخابه وليس تمديد ولايته، قائلاً إنه لا يريد أن يمدّد يوماً واحداً “لكن إذا ارتأى اللبنانيون أن أستمر في موقعي لمنع تسلل الفراغ الى كل مؤسسات الدولة فأنا مستعدّ للقيام بهذه المهمة شرط أن تمر عبر القنوات الدستورية (تعديل الدستور ومن ثم الانتخاب)”.

وأضافت المصادر أن سليمان صارح بعض مستشاريه مؤخراً بأنه مستعد للقبول بتجديد الولاية الرئاسية لسنتين أو ثلاث سنوات “لكن ليس على حساب كرامتي”.
وأشارت المصادر الى أن سليمان، وقبل توجهه الى الأمم المتحدة في ايلول الماضي، كان قد اتفق مع الرئيس المكلف تمام سلام على تشكيل حكومة تكنوقراط حقيقية مختلفة عن تلك التي قدمها له في الأسبوع الأول من التكليف، والتي قال له إنها ستكون مرفوضة من الجميع وخاصة فريق “8 آذار”، غير أن المفارقة التي واجهت سلام هي تنصُّل رئيس الجمهورية بعد عودته من نيويورك من فكرة حكومة التكنوقراط، قبل أن يتبين له أن رئيس الجمهورية بات مهتماً بأولوية التجديد من ضمن سلة متكاملة، تشمل الحكومة رئيساً وتشكيلة وبياناً وزارياً، فضلاً عن أولوياتها في “حقبة التجديد”.

وتشير المصادر الى أن حظوظ التجديد 33 في المئة والانتخاب 33 في المئة والفراغ 33 في المئة “ويبقى واحد في المئة، وهو التفاهم الاقليمي الدولي الذي من شأنه أن يرجح كفة أحد هذه الخيارات الثلاثة”.
وتضيف المصادر أنه في ظل الواقع المشتعل في المنطقة، تبدو معظم عواصم القرار الدولي والإقليمي متحمسة الى عدم هز الاستقرار اللبناني وبالتالي عدم إحداث فراغ رئاسي في لبنان “لأن من شأن ذلك اذا حصل ان يربك عواصم القرار المنهمكة بأولوية الملف السوري وهي بغنى عن حدوث اي اضطراب امني او سياسي على الساحة اللبنانية”.
وأوضحت المصادر أن ثمة اجتهادات دستورية حول الجهة التي لا يمكن الطعن بدستورية إقدامها على وضع اقتراح قانون معجل بالتعديل الدستوري، خاصة في ظل التقدير الدستوري القائل بأن حكومة تصريف الأعمال غير مخوّلة دستورياً بمهمة كهذه.

السابق
النهار: لبنان يرتجف أمام كارثة اللاجئين السوريين
التالي
اللواء: حزب الله بمواجهة سليمان: لا تسليم لحكومة لا تنال ثقة