الأمم المتحدة تخذل عبد الله: اعتقاله ليس تعسفياً

اصدر فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة رأياً استشارياً خلال دورته السابعة والستين، التي عقدت في آب 2013 حمل الرقم 23/2013، رأى فيه أن الإجراءات والقرارات الصادرة عن المحاكم على نحو منتظم، وغير متنازع عليها، تبين أن احتجاز الأسير اللبناني في السجون الفرنسية جورج عبد الله لا يمكن وصفه بالتعسفي وفقاً لأحكام الفقرة 17 ب من أساليب عمل الفريق المعني بالاعتقال التعسفي. ولم يعلَن هذا القرار إلا قبل فترة قصيرة، وذلك وفقاً للإجراءات التي تحكم عمل مجلس حقوق الانسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التي تعمل من المقر الأوروبي للامم المتحدة في جنيف.
بدأ العمل على هذا القرار في 24 كانون الثاني 2013، حين تقدم مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب والحملة الدولية لإطلاق جورج عبد الله بشكوى الى الأمم المتحدة ضد الحكومة الفرنسية، على خلفية احتجاز المناضل اللبناني رغم صدور قرار قضائي عن محكمة الاستئناف بإطلاقه.

حينها كانت حملة التضامن مع المعتقل عبد الله في أوجها، وكان وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس يحتفظ به كرهينة خارج أي مسوغ قانوني، ويستخدم سلطته الاستنسابية بالامتناع عن توقيع قرار ترحيله إلى لبنان. وفي الوقت نفسه، كانت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا قد تقدمت باستئناف ثان ضد قرار محكمة تطبيق الأحكام في باريس الذي منح في 21 تشرين الثاني 2012 جورج عبدالله حق الافراج المشروط، وألحقته بدعوى إبطال امام محكمة التمييز العليا. وكان واضحاً أن الحكومة الفرنسية تحاصر قضاءها من كل جانب، تنفيذاً لرغبة الرئيس الاميركي باراك اوباما، الذي اعترض على قرار اطلاق عبد الله، المتهم بالتواطؤ في اغتيال الملحق العسكري الأميركي في باريس تشارلز روبرت راي في 18 كانون الثاني 1982، وصدر في حقه حكم بالسجن المؤبد.
وقد أمضى عبد الله 4 اشهر في السجون الفرنسية من دون أي مسوغ قانوني، قبل ان تصدر محكمة التمييز في 4 نيسان 2013 قراراً غير قابل للطعن، قضت بموجبه بتعطيل أحكام الإفراج المشروط.
وكان يفترض بفريق الامم المتحدة ان يراسل الحكومة الفرنسية خلال ايام من تلقيه الشكوى، ويطلب منها توضيحات حول القضية، على أن ترد في غضون شهرين كحد أقصى، لكنّ سكرتير الفريق المعني بالاعتقال التعسفي ميغيل دي لالاما لم يراسل الحكومة الفرنسية إلا في 20 حزيران 2013، وذلك بعد إلحاح ومراجعات عدة قامت بها الحملة الدولية لإطلاق عبد الله وبعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة في جنيف. وتذرع الموظف الأممي، في حينه، بأن الملف لم يكن مكتملاً، وبان اللجنة لا تخطر المصدر الذي ارسل المعلومات حول هذا الموضوع.
ويرى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن الحرمان من الحرية إجراء تعسفي في عدة حالات، وخصوصاً إذا اتضحت استحالة الاحتجاج بأي أساس قانوني لتبرير الحرمان من الحرية.
ويشير قرار الأمم المتحدة إلى ان المصدر الذي تقدم بالشكوى اكد ان عبد الله استوفى كل الشروط المطلوبة للإفراج وفق قانون العقوبات الفرنسي. وأوضح أنه سيمارس عملاً وظيفياً. وعلى نحو خاص، يستطيع السفر إلى لبنان حيث يود العودة إلى مهنته في التدريس.
وفي رسالة بتاريخ 20 حزيران 2013، طلب فريق العمل من الحكومة الفرنسية أن تقدم أجوبة عن الادعاءات التي أوردها المصدر، وفي 21 آب 2013، عبرت الحكومة الفرنسية عن رغبتها في تقديم عناصر إجابة أكدت من خلالها أن عبد الله حوكم بعقوبة السجن المؤبد مترافقة بمنع الإقامة لمدة خمس سنوات. وذكّرت الحكومة بالقانون المعروف بـ «قانون داتي» الذي صدر في 25 شباط 2008، الذي نص على وجوب صدور رأي مسبق للجنة متعددة التخصصات اعتباراً من أول أيلول 2008. ورغم ان هذا القانون طبق بمفعول رجعي على عبد الله فان الحكومة الفرنسية بررت ذلك باعتبار ان هذا القانون إجرائي، وان المشترع حدد تاريخ سريان مفعوله، الذي لا يمسّ بأي حال مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية.
ودائماً بحسب الحكومة الفرنسية، فإن طلب الافراج المشروط الذي تقدم به عبد الله في 17 كانون الثاني 2012، لاقى مواقف متباينة من اللجان المختصة، وموقفاً معارضاً من جانب الضحايا. وثبتت محكمة الاستئناف في باريس، في جلسة في 10 كانون الثاني 2013، قرار محكمة الدرجة الأولى، وأعطت رأياً إيجابياً بالإفراج المشروط، شرط الحصول على قرار بالترحيل، قبل أن ترجئ النظر بالقضية إلى 14 كانون الثاني 2013، لكن المدعي العام في باريس قدم استئنافاً إلى المحكمة العليا في 15 كانون الثاني 2013 ضد ذلك القرار، وبجلسة في 4 نيسان 2013، أعلنت المحكمة أن طلب الإفراج المشروط غير مقبول.
وفي تعليق على جواب الحكومة الفرنسية أرسلت الحملة الدولية لاطلاق جورج عبد الله في 26 آب 2013 رداً الى الأمم المتحدة انتقدت فيه التدخل الأميركي في هذه القضية؛ والاستنسابية في التعامل مع عبد الله، وأعلنت أن عبد الله يستوفي كل الشروط للاستفادة من إفراج مشروط.
وبعد المداولة رأى الفريق المعني بالاعتقال التعسفي أن احتجاز عبد الله لا يمكن وصفه بالتعسفي.

السابق
شركاء في الإثم
التالي
المخيّم!