ماذا لو لم تعتذر المنار؟

المنار
لم تعتذر مجموعة "المنار" من مملكة البحرين لأنّها قامت بنقد ذاتيّ واكتشفت أنّها على خطأ. اعتذرت فقط "كتسوية بعد طلب البحرين سحب عضوية المجموعة اللبنانية للإعلام من اتحاد الإذاعات العربية"، بحسب المدير العام لقناة المنار عبد الله قصير. فماذا لو لم تعتذر المنار؟

أعرب مجلس وزراء الإعلام العرب – في  ختام اجتماع دورته الرابعة والأربعين- عن تضامنه مع مملكة البحرين. واستنكر ما تتعرض له من حملات إعلامية مغرضة وكذلك رفضه لما تتعرض له بعض الدول العربية من تحريض وإساءة من قبل بعض الفضائيات التي لا تلتزم باحترام ميثاق الشرف الإعلامي العربي والمواثيق الإعلامية الأخرى. كما قرر المجلس إحالة طلب مملكة البحرين الخاص بإلغاء عضوية المجموعة اللبنانية للإعلام (تليفزيون المنار، إذاعة النور) إلى الجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية باعتبارها الهيئة العليا للاتحاد وهي المعنية بالنظر في هذا الموضوع والبت فيه وكذلك إلى المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية (عرب سات) والشركة المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات)، للنظر في مدى التزامها بالعقود والاتفاقيات المبرمة معها على أن توافي مجلس وزراء الإعلام العرب بما تم في هذا الشأن.

يذكر أن البحرين تقدمت إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بطلب إلغاء عضوية المجموعة اللبنانية للإعلام من اتحاد إذاعات الدول العربية، وصادق مجلس وزراء الإعلام العرب على توصية بذلك من المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب، وأحيل الطلب إلى الجمعية العامة لاتحاد الإذاعات العربية باعتبارها الهيئة العليا المعنية بالنظر في هذا الموضوع والبت فيه.

وقالت وزيرة شؤون الإعلام المتحدث الرسمي باسم حكومة مملكة البحرين، سميرة رجب، إن «البحرين قبلت اعتذار مجموعة قناتي المنار والنور اللبنانيتين، وأنها ستضع أداءهما تحت المراقبة لضمان عدم المساس بالمواثيق والتعهدات الإعلامية فيما يتعلق بتغطية الملف البحريني خلال الفترة المقبلة». مؤكدة أن البحرين ستتخذ إجراءً آخر في حال لم يكن هناك التزام بالتعهد، دون أن تحدد طبيعة هذا الإجراء.

وفور قرار المجلس الدول العربية بوقف بث قناة المنار وإذاعة النور قدمتا إعتذرهما لمملكة البحرين، وأكدتا التزامهما مستقبلاً “باعتماد الموضوعية في تغطيتها لأخبار الدول العربية وما يجري فيها من أحداث، واحترامها للمعايير المهنية”. كما تضمن بيان الإعتذار “حرصها على إجراء التقييم الدوري لسياستها التحريرية لتتناسب مع المواثيق والمعاهدات الدولية والمهنية المعتمدة، وتصويب ما يخرج عن هذا الاطار، والعمل على حفظ العلاقات الطيبة مع كل الاشقاء العرب لاسيما مملكة البحرين”.

وأكد المدير العام لقناة المنار عبدالله قصير أن “اعتذار المنار من البحرين عن تغطيتها للاحتجاجات في المملكة، مشيراً إلى أن هذا الاعتذار جاء كتسوية بعد طلب البحرين سحب عضوية المجموعة اللبنانية للإعلام من اتحاد الإذاعات العربية”.

وحمل اعتذار المجموعة اللبنانية للإعلام التابعة لحزب الله – التي تضم قناة المنار وإذاعة النور وموقعين إلكترونيين- للسلطات البحرينية بخصوص تغطيتهما لأخبار مملكة البحرين في الفترة السابقة، الكثير من الشكوك حول ظروف الاعتذار وتوقيته، خاصة أنه تبعه بعد 24 ساعة بيان صادر عن العلاقات الإعلامية في حزب الله نأى فيه بنفسه عن الاعتذار، وقال إن قيادة الحزب لم تُراجَع في الخطوة.

يرى رئيس شبكة “توب نيوز” الإخبارية المقربة من حزب الله الأستاذ ناصر قنديل أن “قرار المنار بالاعتذار لم يكن فردياً، بل أجيز من قبل حزب الله كمؤسسة لها ظروفها، لكي لا تحرم من البث عبر الأقمار الاصطناعية وخاصة عرب سات”. ورفض قنديل وضع الاعتذار في خانة التقارب الإيراني الخليجي، وقال إنه لو كان هذا الهدف منه لما كان صدر بيان الحزب التوضيحي.

ويقول أستاذ الإعلام بالجامعة اللبنانية محمود طربيه إن الاعتذار أتى في سياق عضوية المجموعة اللبنانية للإعلام في اتحاد الإذاعات العربية المخصص أصلاً للدول، والذي حصلت من ضمنه على جوائز عديدة وكان لها حضور فاعل ونشاطات متعددة.

وأضاف طربيه: أن المنار لم تتخل عن مبادئها بل تعمل ضمن السياق السياسي العام الذي يفرض على المؤسسات الإعلامية اتباع سياسة محددة”. وتابع قائلاً “إنه نوع من الانفتاح وإعادة النظر بما سبق، وسننتظر لنرى إذا كانت هذه الخطوة وحيدة أم ستتبعها خطوات أخرى”.

وفي كل الأحوال فإن الخطوة الاعتذارية تكشف في أحد جوانبها أن الإعلام الموجه، الخاضع لأجندة حازمة، لا بد أن يدفع ثمن هذه الأجندة القطبية. ثمنٌ قد يكون مضاعفاً حين يكون هذا الإعلام تعبوياً وإيديولوجياً لا يمل من النطق بـ”الحقيقة المطلقة”.

ويمكن أن احزرّكم “حزيّرة” لا أنفي أنها صعبة جداً، لو سلّمنا جدلاً ومن باب الافتراض، أنّ حزب الله بات يؤمن بحرية الإعلام، وأعطى قناته الإعلامية الحرية بتقرير مصيرها بعدم إقفالها، فلعبتها “ذكية” المنار وحيدةً درءاً للإقفال… وهنا السؤال: إذا لم تفِ المنار بتعهدها السلمي بتغطية ثورة البحرين – وهي القناة الوحيدة التي تغطّي الثورة البحرينية – ماذا يحدث عندها؟ وكيف نفسّر التناقض الثوري في جسم المنار الإعلامي؟

السابق
اضرار في المحال بسبب الامواج في صور
التالي
صالحي: تخصيب اليورانيوم حق أساسي ومؤكد لإيران