من هم المقاتلون العراقيون الشيعة في سوريا؟

لواء أبو فضل العباس

كثر الكلام وكثرت التكهنات والتحليلات حول المقاتلين الشيعة الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب الجيش النظامي. وبات من المعلوم أن العراقيين يشكلون عماد القوات المقاتلة الشيعية في سوريا، حيث تبقى مشاركة حزب الله اللبناني نوعية وموضعية حتى الساعة. من هؤلاء، ما هي دوافعهم، ومناطق تواجدهم وما تأثيرهم على مجريات المعارك في سوريا؟

 

هؤلاء الجهاديون الذين يقاتلون إلى جانب النظام السوري

منذ بدايات الحراك الشعبي السوري ومع تعسكره وأخذه منحاً طائفياً بامتياز، حتى وإن رفض بعض المحللون ذلك، بدأ الكلام عن حزب الله اللبناني وعن دوره في مساندة النظام السوري، وما لبثنا أن رأينا أعلام الحزب الصفراء كما صور أمينه العام السيد حسن نصر الله تحرق وتداس في المدن والبلدات السورية. في ذلك الوقت لم يكن الحزب الشيعي اللبناني منخرطاً في الصراع الذي بات يصطبغ بحلة طائفية، ولم يكن لحزب الله قواعد بل مخازن أسلحة على الأراضي السورية وعدد من الخبراء الذين كانوا يشرفون على تدريب عدد محدود من القوات السورية النظامية على حرب الشوارع  والعصابات بناء على طلب القوات المسلحة السورية التي أرادت الاستفادة من خبرة الحزب بعد حرب ٢٠٠٦ مع الجيش الإسرائيلي.

لم يكن تواجد عناصر ومدربين من حزب الله ومن الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية سر على أحد، لكن هذا التواجد وبعلم الجميع أيضاً لم يكن تواجداً عسكرياً بشكل كتائب وفصائل مسلحة بالرغم من الضجيج الذي أثير حول هذا الموضوع بحثاً عن استعطاف الغرب ولشد عصب الشارع السني السوري والعربي في مواجهة النظام السوري

أما اليوم فقد اختلفت الأمور وبات المقاتلون الشيعة وخصوصا العراقيون منهم في طليعة القوات المقاتلة إلى جانب النظام السوري على جبهات أساسية من دمشق إلى حلب مروراً بالقلمون. ذلك بعد أن دخل حزب الله بقوة على خط المواجهة في القصير وريفها وفي حمص. فقد تحولت الفرق العسكرية الشيعية من قوة دفاعية إلى قوة هجومية ضاربة تقاتل في طليعة القوات السورية النظامية. ويجب التنويه إلى أنه ليس لهذه المجموعات المقاتلة مشروعا سياسيا، بل هي ملتزمة التزاما كاملا بتوجه النظام السوري ولا نزاعات فيما بينها.

لواء أبو الفضل العباس

مع حلول شتاء ٢٠١٢ ظهر لواء أبو الفضل العباس على الساحة السورية وفي منطقة السيدة زينب المتاخمة للعاصمة دمشق وعلى عكس الفصائل الجهادية السنية على اختلافها وتنوع ولائها، فمنذ نشأته ظهر اللواء بشكل فرقة عسكرية عالية التنظيم والتدريب متمتعة بتسليح حديث ونوعي على مستوى الأفراد ما يجعلها شديدة الفعالية في حرب المدن والشوارع. فضلاً عن ذلك يتمتع اللواء بهيكلية وقيادة عسكرية واضحة وعلى تنسيق تام مع ماكينة الجيش السوري النظامي.

من الممكن أن نلاحظ في الإصدارات الدعائية للواء جودة التسليح ونوعيته المشابهة لحد بعيد تسليح حزب الله، إن كان على مستوى السلاح الفردي أو المتوسط أو حتى جعب الذخيرة والبزات العسكرية، وكل هذه المعدات غير موجودة لدى الجيش السوري النظامي.

يضم لواء أبو الفضل العباس مقاتلون سوريون وعراقيون ولبنانيون وفدوا إلى سوريا للدفاع عن مقام السيدة زينب كما عن مقام السيدة رقية في ضواحي دمشق، ومقاتلين من سكان المنطقة، وهي حال عدد من المقاتلين الأفغان والباكستانيين من سكان السيدة زينب القدماء وتأتي تسمية اللواء نسبة لأبي الفضل العباس نجل الإمام علي بن أبي طالب، حارب مع الإمام الحسين في معركة كربلاء الشهيرة، وهو مثال من أمثلة التضحية وبذل النفس في الثقافة الشيعية.

جل المقاتلين في صفوف اللواء هم من العراقيين وينتمون لفصائل مقاتلة شيعية في بلادهم كعصائب أهل الحق وجيش المهدي أما اللبنانيون فينتمون لحزب الله. في بداية الأمر لم يتبن أي من هذه الفصائل رسمياً تواجد مقاتليه في سوريا، إلا أن تشييع الشباب اللبناني والعراقي ممن سقطوا في سوريا كان يتم بطريقة علنية وبوجود رموز حزبية بارزة.

لدى اللواء أمين عام، وهو سوري معروف بإسم أبو عجيب، ما يذكر بهيكلية حزب الله اللبناني وعصائب أهل الحق العراقية، وأبو هاجر هو أحد الأسماء البارزة الأخرى في قيادة اللواء. وهذا الأخير عراقي سيبرز في قيادة فرقة أخرى تحت مسمى لواء ذو الفقار إلى جانب أبو شهد الجبوري وهو إسم دخل التداول بعد معركة النبك الأخيرة

وانطلاقاً من لواء أبو الفضل العباس، حيث يحط المقاتلون الشيعة الوافدون وحيث يتم تمرسهم على الحرب، سيتم إنشاء عدة فرق مقاتلة.

لواء ذو الفقار

السبب وراء إنشاء لواء ذو الفقار في شهر يونيو/حزيران الفائت يعود، وبحسب مصادر مطلعة وقريبة من لواء أبو الفضل العباس، إلى إشكال تطور لإطلاق نار أدى لوقوع عدد من القتلى بين مقاتلين سوريين وعراقيين. ولرقع الصدع ولتجنب تطوره تم إنشاء لواء ذو الفقار بقيادة عراقية حتى وإن كانت هذه القيادة صورية. واليوم ينفرد بها الجبوري بعد سقوط أبو هاجر في معارك مع المعارضة السورية

أبو شهد الجبوري هو القائد الثاني للواء ذو الفقار، بعد مقتل قائده الأول عمران أبو علي، الملقب بعمران الشمر، وهو يعتبر من مؤسسي لواء أبو الفضل العباس، و كان قد قاد عمليات لواء ذو الفقارخلال المعارك عند الجسر الخامس على طريق مطار دمشق الدولي . ومن المعلوم لدى الملمين أن أبو علي كان مقربا من قيادات النظام الإيراني. ذو الفقار هو سيف النبي محمد الذي كان بحوزة الإمام علي بن أبي طالب وفي المعتقد الشيعي سيعود الإمام المهدي وبيده ذو الفقار الذي يمثل حق الشيعة في الخلافة الإسلامية.

بدأ إسم اللواء يخرج إلى العلن وإلى التداول في معارك السيدة زينب والغوطة، إنما ما وضعه في الواجهة كانت مشاركته الأخيرة بقيادة الجبوري في معارك النبك حيث كان مقاتلو اللواء العراقيين في طليعة القوات التي استعادت المدينة من مقاتلي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام بعد انسحاب فصائل المعارضة المسلحة الأخرى من المدينة.

واتهمت المعارضة السورية اللواء وقائده بارتكاب “مجزرة” في النبك مستندة إلى صور تظهر اعداماً ميدانيا لرجل قام به الجبوري وإلى صور عدد من الأطفال القتلى.

لواء عمار بن ياسر

منطقة عمل لواء عمار بن ياسر المكون أيضاً من مقاتلين شيعة عراقيين تتركز في جوار مدينة حلب شمال سوريا. ما يعتبر خروجا عن الخطاب المعتمد فيما يتعلق بحماية المقامات الشيعية في دمشق وجوارها. وتم الإعلان عن اللواء في مايو/أيار الفائت في بدايات معركة القصير التي انخرط فيها حزب الله اللبناني والتي شكلت أول دخول علني للحزب في المعارك بعد دخوله في معركة الدفاع عن القرى الشيعية التي يقطنها لبنانيون في ريف القصير المتاخم للحدود اللبنانية

وينتمي اللواء لحركة حزب الله النجباء العراقية، ويعتبرون الشيخ أكرم الكعبي قائدهم وهو من قيادات عصائب أهل الحق

عمار بن ياسر كان من صحابة الرسول ومن أشياع علي بن أبي طالب، وقد تم تدمير قبره في منطقة الرقة من قبل مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام مؤخراً..

كتائب سيد الشهداء

في نفس السياق وفي تأكيد لمنحى الحرب الشاملة تم الإعلان عن إنشاء كتائب سيد الشهداء، التي سبقت لواء عمار بن ياسر بأشهر قليلة في ربيع العام الحالي وهي كتائب عاملة في منطقة دمشق ولا يوجد أية معلومات وفيرة عنها سوى بضعة إصدارات دعائية.

لواء الإمام الحسن المجتبى

لواء الإمام الحسن المجتبى كالفرق العسكرية السابقة خرج من رحم لواء أبو الفضل العباس قيادة وجنودا وتم الإعلان عنه في يوليو/تموز الفائت ومن مهامه الأساسية حماية المنطقة المحاذية لمطار دمشق الدولي وتجلى دوره في معارك استعادة مدينة شبعا من المعارضة المسلحة

لواء أسد الله

لواء أسد الله هو آخر تشكيل من المقاتلين الشيعة العراقيين ظهر على الساحة السورية من خلال صور تم تناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي. الجدير بالذكر، فضلاً عن تسليح المقاتلين المتميز كما باقي الفرق العسكرية الشيعية من حيث الجودة والحداثة والمصدر العراقي الواضح للبزات والجعب وكل مستلزمات القتال وحتى حشوات قواذف ال “آر ب ج7” من لون ترابي صحراوي وهي غير معتمدة من قبل القوات المسلحة السورية النظامية، نلاحظ وكما يظهر في صور مقاتلي اللواء ارتدائهم شارات “سوات” أي قوات التدخل السريع العراقية الرسمية. ويبدو أن منطقة عمل هذا اللواء تشمل دمشق العاصمة حيث بعض الصور صورت في قلب سوق الحميدية الشهير.

فضلاً عن المقاتلين اللبنانيين والعراقيين وصل إلى سوريا وبحسب عدة مصادر مقاتلون من التبعية الأفغانية والباكستانية. حسب ما ظهر في عدد من الإصدارات الدعائية والصور. ويعول البعض ذلك إلى رغبة بعض القيادات الأفغانية القبلية في تدريب هؤلاء وتمريسهم على قتال المدن والشوارع في سياق استباق وصول الحرب السنية الشيعية إلى بلادهم، علماً أن التفجيرات التي تستهدف شيعة باكستان تعتبر جزء لا يتجزأ من تاريخ البلاد المعاصر. ذلك فضلاً عن تزايد الاحتقان في أفغانستان، فقد تظاهرت مؤخرا أعداد غفيرة من الأقلية الشيعية في كابول استنكارا للتمييز العنصري ولممارسات بعض قنوات البشتون الإعلامية.

يصل عديد الفرق الشيعية المقاتلة على الأراضي السورية إلى ما يقارب ال 15000 مقاتل منخرط في الأعمال القتالية، فضلا عن مقاتلي حزب الله اللبناني. بيد أن العدد الإجمالي  قد يصل إلى أكثرمن 30000 في حالة الاستنفار العام. وقد وصل جلهم الى سوريا مدربا على القتال وعلى استعمال مختلف أنواع الأسلحة الفردية، إلا أن التمرس على حرب الشوارع يتم على أرض المعركة. يجدر أيضا التنويه إلى تواجد فعال لمدربين ومشرفين وخبراء اتصالات من الحرس الثوري الإيراني ينخرطون بشكل مباشر في المعارك إن اقتضى الأمر كما حصل مؤخرا في منطقة حلب.

بالرغم من هذا الواقع الذي لم يعد خافيا على أحد، لم تصدر حتى الساعة أية فتوى شرعية من أي مصدر ديني إيراني أو عراقي أو لبناني تحلل أو تدعو إلى الجهاد في سوريا.

ختاما نشير إلى أن امتداد واحتدام الصراع ووفود المقاتلين إلى سوريا من كل حدب وصوب في سياق حرب باتت عقائدية بامتياز قد غيب الحدود المعتمدة بين بلاد المنطقة منذ سايكس بيكو، وخاصة لمن يقاتلون على أرض المعركة. يظهر ذلك جليا في امتداد العمليات الانتقامية إلى عقر دار حزب الله اللبناني في بيروت، التي كان آخرها تفجيران انتحاريان أمام السفارة الإيرانية، وعنوانهما الانتقام لانخراط حزب الله في الصراع السوري. كذلك بالنسبة لموجة التفجيرات التي عصفت ببغداد في الأيام الأخيرة وعنوانها الانتقام لسقوط النبك السورية.

وسيم نصر

السابق
جنجنيان: لوقف الضغط السياسي على النيابة العامة المالية لتتمكن من ملاحقة المرتكبين
التالي
وزير التربية يعلن اقفال المدارس الرسمية والخاصة غداً بسبب العاصفة