حنان بكير: زرتُ بيتي في عكا كنروجيّة.. والتقيت بمن استوطنوه

حنان بكير
تحارب من أجل قضيتها بالقلم والكلمة والرواية والقصة والبحث في ثنايا الذاكرة الشعبية.. إنّها الروائية الفلسطينية التي ولدت في عكا وزارت أرضها ومنزلها كنروجيّة. بألم وفرح تتحدث لـ"جنوبية"، فماذا تقول حنان بكير؟

ولدت في عكا وخرجت منها طفلة حديثة الولادة في العام 1948 ووصلنا الى بيروت، وعاشت حياتها في بيروت. ولاحقا – وبسبب الظروف والحروب – انتقلت الى اليونان ومن ثم الى النروج، حيث انحدر منها ثلاث بنات وهن جميعا يعشن خارج فلسطين.

في لقاء مطوّل مع الأديبة الصحفية حنان بكير فضفضت لـ”جنوبية”: “سمح لي جواز سفري النروجي ان ازور مدينتي ومسقط رأسي عكا في العام 2008، وان ادخل بيتي حيث التقيت المستوطنة اليهودية المغربية التي استوطنته”.

وتضيف: “كانت بداية مشاهدتي لبيت أهلي في الذكرى الخمسين للنكبة من خلال تعاوني مع (قناة سكاي نيوز) لاعداد تقرير مصور عن النكبة. فاتفقت مع المصور ان يصوّر لي بيتي بعكا حيث ساعده عكاويون يوّثقون للبيوت العربية بالصوت والصورة ولأسماء اصحابها ولشوارعها. وعندما شاهدته المستوطنة المغربية استاءت كثييرا ومنعته من التصوير”.

وعن انطلاقتها تقول: “كنت ادرس في مدارس الاونروا، وكان نشاطي مع حركة فتح نشاطا ثقافيا وسياسيا، ولاحقا – أي في مرحلة الثمانينات- اجتمعت وفريق عمل شبابي فلسطيني وأسسنا (المنظمة الفلسطينية لحقوق الانسان) ووثقنا المجازر التي ارتكبتها اسرائيل، واصدرنا كتابا اسميناه (الكتاب الاسود). لكني انقطعت عنهم بسبب الانقسامات التي كثرت، ولانه كالعادة ثمة اشخاص يسرقون جهودنا. علما ان العاملين في هذه الجمعية كانوا جميعا من المتطوعين”.

وتتابع حنانك “بدأت بالكتابة بعد توقفي عن التعليم منذ العام 1990 اي منذ 23 سنة، وبدأت بالمقالات والتحقيقات والتقارير الصحفية، ووضعت امام ناظري القضية الفلسطينية”.

وعن تفهم النروجيين للقضية الفلسطينية؟ تقول حنان بكير: “الوضع تغيّر في السنوات الاخيرة كثيرا حيث مالت الكفة لصالح الفلسطينيين في اوروبا بسبب تأسيس جمعية (فلسطين) تضم كل الجمعيات الفلسطينية هنا والتي اصدرت مجلة أيضا. علما ان من ساهم في اطلاق هذه الجمعية سيدة نروجيّة كانت قد زارت فلسطين المحتلة للعمل داخل (الكيبوتسات) الا انها رجعت بعد أقل من شهر هي وفريق العمل ليغيّروا مواقفهم لصالح القضية الفلسطينية”.

وتتابع بكير: “كما علّمت في جامعة اوسلو كمتعاقدة لتدريس اللغة العربية كوني خريجة قسم اللغة العربية وآدابها، وأشرفت على تدريب وتعليم اللغة العربية للنروجيين. وما فاجأني انهم كرمونيّ نهاية احدى الدورات برحلة لمدة اسبوع الى بلدي ومسقط رأسي فلسطين. وهنا كانت المفاجأة حيث لم أنم طيلة الليل. ووصلت الى فلسطين، وكان كلقاء الحبيب حيث استقبلني أهلي في عكا والقدس اجمل استقبال، ورحبّوا بي أيّما ترحيب، وما اود ذكره اني لم ادخل الا مطاعم وفنادق الفلسطينيين ولم اشتر الا من محال يملكها فلسطينيين، ولم اتنقل الا مع سائق فلسطيني..”.

وتكمل بكير قائلة: “اليوم أنشر بكبريات الصحف النروجية اضافة الى صحف عربية داخل الاراضي المحتلة، وكنت قد كتبت ردا تفصيليا على رئيس الجمعيات الموسوية في النروج مع شواهد من التوراة لأشرح للقراء المغالطات التي وقع بها حين ادّعى ان فلسطين ارض اليهود، ورفض ان يتناظر معي حول الموضوع في اي مكان يحدده هو”.

وتضيف: “وما يؤلمني اننا نشعر كفلسطيينين اننا بلا هوية وبلا وطن وهكذا يعرّفون عنا أي كالنَوَر. من هنا كنت أقول للنروجيين المرافقين لي الى فلسطين ان هذه أرضي. وانا ككل فلسطيني أسخّرّ كل شي لأجل فلسطين.

ففي اليونان عندما سافرت مع أولادي وزوجي تعرّفت على جيراني وعرّفتهم على قضيتي من خلال عادة موجودة لديهم وهي تبادل الاطعمة، فقمت باعداد وجبة كبيرة من الحلويات الفلسطينية التراثية التي تتميز بها بيت لحم مهبط المسيح -المشترك بيننا وبين الاوروبيين، ومن هنا دخلت الى القضية الفلسطينية عندما قلت لهم ان السيد المسيح فلسطيني، و…

وكتبت رواية (أجفان عكا)، وذلك قبل زيارتي لعكا كرمى لعيون أمي وأبي اللذين ارتويا بحبّ عكا. وعندي مجموعة قصص قصيرة في الموضوع نفسه، واكتب الآن روايتين اعمل عليهما. وسأصدر في شهر نيسان المقبل كتابا عن الثائر (أبو جلدة)، وهو شخصية شعبيّة لم تأخذ حقها بالانتشار حيث أردت إحيائها عبر هذا الكتاب”.

وعن نشاطها الصحفي، تقول: “عندي الكثير من المقالات والكتابات وكلها حول فلسطين والقضية الفلسطينية، واركّز على نبش الذاكرة الفلسطينية التي يجب ان نتوارثها عبر الأجيال، وهي فقط التي تحفظ الاجيال، لأن القصص معظمها مات مع الذين رحلوا. والكتّاب الفلسطينيون كلهم تقريبا عملوا على نبش الذاكرة الفلسطينية واعادة بناء المدن الفلسطينية عبر الروايات او عبر المؤلفين الذين أرّخوا لقراهم  كعبد اللطيف كنفاني، ويوسف شبل، وأحمد اليماني، ومصطفى كامل الدباغ…”.

وعن صعوبات العيش في لبنان بالنسبة للفلسطينين تقول: “وضع لبنان استثنائي بالنسبة للفلسطينيين من حيث عدم منح الفلسطيني حقوقه بحجة الخوف من التوطين. وأقول ان القيادات التي اشتغلت لأجل القضية كانت من القيادت الرأسمالية، وكانوا خريجيّ الجامعة الاميركية، لذا اقول ان إفقار الشعب الفلسطيني بهدف عدم التفكير  بالتوطين خطأ، لان هذا يوصل الفلسطيني الى الاعمال المسيئة للقضية، وارى ان الانسان المرتاح هو من يعمل للقضية، أما العبد فلا يقدر ان يولد احرارا”.

وعن سبب تأخر المصالحة الفلسطينية -الفلسطينية تقول: “اليوم انا مستقلة تماما، انتقد كل الاطراف التي تسيئ للقضية. من هنا أقول ان حماس عملت على أسلمة القضية، وحوّلتها من صراع سياسي الى صراع دينيّ لانها تطالب بإمارة او خلافة اسلامية على ارض فلسطين. وأدخلت الفيروس الطائفي وسمحت بخطاب غريب عن قضيتنا. علما انها فازت في غزة بسبب الفساد الموجود في السلطة ومفاوضات هذه السلطة مع الصهاينة. ولانها كحركة طرحت الحل المقاوم لكنها وقعت بالفساد، وصار الفساد لديها أسوأ مما لدى السلطة في رام الله، علما ان حماس رحبت بالهدنة الطويلة الأمد. اذن الأسباب التي اختلفت فيها مع السلطة وقعت فيها”.

وعن سبب مجيئها الى لبنان في هذه الفترة، تقول: “كنت سأوقع كتابي (إبحار الذاكرة الفلسطينية) ورواية (اجفان عكا) على الحدود اللبنانية – الفلسطينية في بلدة حولا الجنوبية بالتعاون مع جمعية (ممكن) وجمعية فلسطينية تضم فلسطينيين مستقلين، لكن الانفجار الاخير الذي وقع على السفارة الايرانية في بيروت حيث سقط 3 من ابناء بلدة حولا أرجأ الموضوع حتى شهر نيسان المقبل ليتزامن مع صدور كتابي الجديد (الثائر ابو جلدة). كما كنت قد وقعت الروايتين نفسهما في مقهى (تاء مربوطة) في الحمرا وفي بعقلين بداية العام الجاري”.

السابق
تعزيز ممارسات حقوق الإنسان في سجون النساء في لبنان
التالي
حزب الله القوي